يستقرض من الناس أو يطالبهم بالإنفاق ، فإنما هو لإيصال النفع اليهم قبل الفقراء نظراً إلى أن ما يصل إلى المحسن يضاعف أجره ، ويزيد على مقدار ما ينفعه ، وهذا اشارة إلى أن معطي المال أحوج إليه من الفقير الآخذ فبخله بخل على نفسه ، وذلك أشد البخل قال مقاتل : إنما يبخل بالخير والفضل في الآخرة عن نفسه (١).
( وأنتم الفقراءُ ) :
الفقراء إليه سبحانه في كل صغيرة ، وكبيرة في الدارين الدنيا والآخرة.
في الحياة الدنيا : إلى مقوماتها.
وفي الآخرة : إلى ثوابها وجزائها.
وإذا كان الغني هو الله ، وهو القادر ، والرازق ، والقابض ، والباسط , والناس هم الفقراء إليه فعندما يطلب الغني الواقعي ـ الله ـ من الغني الصوري ـ المعطي ـ فإن هذا الطلب لا يعود بالنفع إلى الأول بل إلى الثاني لاحتياج هذا إلى الجزاء والثواب دون الأول إذ من الواضح أن فاقد الشيء لا يعطي كما تقرره القاعدة المعروفة.
وقد أكد القرآن الكريم على هذا المعنى في آية أخرى قال فيها :
( يا أيّها النّاسُ أنتمُ الفقراءُ إلى اللهِ واللهُ هوَ الغنيُّ الحميدُ ) (٢).
__________________
(١) مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية ـ ٣٨ من سورة محمد.
(٢) سورة فاطر / آية : ١٥.