______________________________________________________
واستدل المثبتون عليه بأن اللطف مما يتوقف عليه غرض المكلف من المكلف وكل ما يتوقف عليه الغرض يكون واجبا ، أما الأولى فظاهر ، لأن غرض المكلف من المكلف إيقاعه ما كلف به ، وهو يتوقف على كل ما يقر به إلى فعله ويبعده عن تركه ، وأما الثانية فلأن المريد من غيره فعلا من الأفعال إذا علم المريد أن المراد منه لا يفعل الفعل المطلوب إلا بفعل يفعله المريد مع المراد منه من نوع ملاطفة أو مكاتبة أو سعى إليه أو إرسال من غير مشقة عليه في ذلك لو لم يفعل ما يتوقف عليه إيقاع ذلك الفعل منه ، مع تصميم إرادته إيقاعه منه ، لكان هذا المريد ناقضا لغرضه عند العقلاء ، ونقض الغرض قبيح لذم العقلاء على ذلك ، وإذا أردنا تمشية هذا التقرير في حقه سبحانه ، قلنا : إنه كلف العباد بالأوامر والنواهي فكان غرضه من التكليف المذكور إيقاع الطاعة وارتفاع المعصية من المكلفين ، فإذا علم أنهم لا يفعلون ذلك إلا بفعل يفعله بهم بحيث يحصل به تقريبهم إلى إيقاع ذلك منهم ، لو لم يفعل ذلك مع توقف غرضه عليه كان ناقضا لغرضه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فوجب في حكمته تعالى وعنايته فعل الألطاف المقربة للمكلفين إلى فعل الطاعات المبعدة لهم عن المعاصي وهو المطلوب.
ثم إن هذه الألطاف تكون من فعله تعالى خاصة كإرسال الرسل ونصب الأئمة وإظهار المعجزات على أيدي الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، فيجب عليه فعل ذلك ، وقد يكون من فعل المكلفين كأتباعهم الرسل وطاعتهم الأئمة وامتثالهم لأوامرهم ، والانتهاء عند نواهيهم فيجب عليه إعلامهم بذلك وإيجابه عليهم ليتم الامتثال ويحصل القول ، ويستكمل الألطاف ، وقد يكون من فعل غيرهما كقبول الرسل للرسالة ، وتحمل الإمام للإمامة ، وقيامهما بأعبائهما ، فيجب عليه في ذلك الإيجاب على ذلك الغير وإثابته عليه ، لأن تكليف شخص لنفع غيره من غير نفع له قبيح عقلا.
أقول : هذا هو اللطف الذي أوجبه أصحابنا ، ويشكل الجزم بوجوب كل لطف