قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مرآة العقول [ ج ٢ ]

198/454
*

______________________________________________________

الوجوب وامتناع التخلف بقدرة يخلقها الله في العبد إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع ، والضابط في هذا المقام أن المؤثر إما قدرة الله أو قدرة العبد على الانفراد كمذهبي الأشعري وجمهور المعتزلة ، أو هما معا وذلك إما مع اتحاد المتعلقين كمذهب الأستاد منا والنجار من المعتزلة ، أو دونه وحينئذ فإما مع كون إحداهما متعلقة للأخرى ، ولا شبهة في أنه ليس قدرة الله متعلقة لقدرة العبد ، إذ يستحيل تأثير الحادث في القديم ، فتعين العكس وهو أن تكون قدرة العبد صادرة عن قدرة الله وموجبة للفعل ، وهو قول الإمام والفلاسفة ، وإما بدون ذلك وهو مذهب القاضي لأن المفروض عدم اتحاد المتعلقين « انتهى ».

واعترض عليه المولى جمال الدين محمود وغيره : بأن جعل المذهب المنسوب إلى الإمام والفلاسفة كون المؤثر مجموع القدرتين دون مذهب المعتزلة تحكم بحت إذ لا فرق بين هذين المذهبين في أن المؤثر الحقيقي في الفعل هو قدرة العبد ، وتلك القدرة الحادثة مخلوقة للقدرة القديمة الإلهية ، ثم قال : الصواب في الضبط أن يقال المؤثر إما قدرة الله تعالى وحدها وهو مذهب الشيخ الأشعري ، وإما قدرة العبد وحدها وهو مذهب جمهور المعتزلة والإمام والفلاسفة ، وإما هما معا أما مع اتحاد المتعلقين وهو مذهب الأستاد ، أو بدون ذلك بأن تتعلق القدرة القديمة بنفس الفعل والحادثة بصفته ، وهو مذهب القاضي « انتهى ».

ثم اعلم أن هذا المذهب الذي نسبوا إلى الحكماء من أن العلة القريبة للفعل الاختياري إنما هو العبد وقدرته ، لكن قدرته مخلوقة لله وإرادته حاصلة بالعلل المترتبة منه تعالى قول بعضهم ، وقال جم غفير منهم : لا مؤثر في الوجود إلا الله ، وموجد أفعال العباد هو الله سبحانه ، وقالوا : إن الفعل كما يسند إلى الفاعل كإسناد البناء إلى البناء قد يسند إلى الشرط كإسناد الإضاءة إلى الشمس والسراج مثلا فبعض الأفعال الصادرة عن الطبائع النوعية كالحركات الطبيعية والقسرية والأفعال