وتفهموه بإذن الله من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأن حجابه ومثاله وصورته غيره وإنما هو واحد متوحد فكيف يوحده من زعم
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : من زعم أنه يعرف الله بحجاب ... أي بالأسماء التي هي حجب بين الله وبين خلقه ، ووسائل بها يتوسلون إليه ، بأن زعم أنه تعالى عين تلك الأسماء أو الأنبياء أو الأئمة عليهمالسلام ، بأن زعم أن الرب تعالى اتحد بهم أو بالصفات الزائدة فإنها حجب عن الوصول إلى حقيقة الذات الأحدية أو بأنه ذو حجاب كالمخلوقين « أو بصورة » أي بأنه ذو صورة كما قالت المشبهة ، أو بصورة عقلية زعم أنها كنه ذاته وصفاته تعالى « أو بمثال » أي خيالي أو بأن جعل له مماثلا ومشابها من خلقه « فهو مشرك » لما عرفت مرارا من لزوم تركبه تعالى وكونه ذا حقائق مختلفة ، وذا أجزاء ، تعالى الله عن ذلك.
ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى حقيقته تعالى بوجه من الوجوه لا بحجاب ورسول يبين ذلك ، ولا بصورة عقلية ولا خيالية ، إذ لا بد بين المعرف والمعرف من مماثلة وجهة اتحاد ، وإلا فليس ذلك الشيء معرفا أصلا ، والله تعالى مجرد الذات عن كل ما سواه ، فحجابه ومثاله وصورته غيره من كل وجه ، إذ لا مشاركة بينه وبين غيره في جنس أو فصل أو مادة أو موضوع أو عارض ، وإنما هو واحد موحد فرد عما سواه ، فإنما يعرف الله بالله إذا نفي عنه جميع ما سواه ، وكلما وصل إليه عقله كما مر أنه التوحيد الخالص.
وقال بعض المحققين : من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال أي بحقيقة من الحقائق الإمكانية كالجسم والنور أو بصفة من صفاتها التي هي عليها كما أسند إلى القائلين بالصورة أو بصفة من صفاتها عند حصولها في العقل كما في قول الفلاسفة في رؤية العقول المفارقة فهو مشرك ، لأن الحجاب والصورة والمثال كلها مغايرة له غير محمولة عليه ، فمن عبد الموصوف بها عبد غيره ، فكيف يكون موحدا له عارفا به ، إنما عرف الله من عرفه بذاته وحقيقته المسلوب عنه جميع ما يغايره ، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يكون يعرف غيره.