وتعالى ذكره وجل ثناؤه سبحانه وتقدس وتفرد وتوحد ولم يزل ولا يزال و « هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ » فلا أول لأوليته رفيعا في أعلى علوه شامخ الأركان رفيع البنيان عظيم السلطان منيف الآلاء سني العلياء الذي عجز الواصفون عن كنه صفته ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته ولا يحدون حدوده لأنه
______________________________________________________
« وتعالى ذكره » عن الوصف بما يليق بالإمكان ، وجل ثناؤه سبحانه عن إحصار الألسن وإحاطة الأذهان ، وتقدس عن الاتصاف بما في بقعة الإمكان ، وتفرد بقدرته عن مشاركة الأعوان ، وتوحد بعز جلاله عن مجاورة الأمثال ، واتخاذ الأزواج والولدان وهو بذاته لم يزل ولا يزال لا بإحاطة الدهور والأزمان ، وهو الأول الذي يبتدأ منه وجود كل موجود والآخر الذي ينتهي إليه أمد كل معدود ، وهو باق بعد فناء كل موجود ، والظاهر الغالب على الأشياء والمحيط بها بقدرته وعلمه الشامل ، والباطن الذي لا يصل إليه ولا يحيط به إدراك الأوهام والعقول الكاملة ، فلا أول لأوليته أي لأزليته وقوله : رفيعا ، منصوب على الحالية أو على المدح.
« في أعلى علوه » أي في علوه الأعلى من الوصف والبيان ، أو الأعلى من كل علو يصل إليه ويدركه الأوهام ، والأذهان أو يعبر عنه بالعبارة واللسان.
« شامخ الأركان » أي أركان خلقه أو مخلوقاته العظيمة أو صفاته التي هي بمنزلة الأركان ، أو استعارة تمثيلية بتشبيه المعقول بالمحسوس ، إيضاحا لعلوه ورفعته وكذا قوله عليهالسلام : رفيع البيان يحتمل الوجوه والأول فيه أظهر.
« منيف الآلاء » أي مشرفها على الخلق بالفيضان من بحر جوده أو زائدها من أناف عليه أي زاد « سني العليا » رفيعة والعليا السماء ورأس الجبل والمكان المرتفع وكل ما علا من شيء ، ولعل المراد هنا كل مرتفع يليق بأن ينسب إليه ، لا يحدون حدوده أي حدود الرب سبحانه ، أي لا يقدرون على تحديده لأنهم إنما يقدرون على التحديد بالكيفيات وأشباهها وهو سبحانه متعال عن الكيفيات والصفات الزائدة وقال السيد الداماد (ره) : الضمير في حدوده يعود إلى الحمل ، يعني : لا يحدون