وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى عرفت له حق التقدم والفضل قال له المأمون : ما أحسن هذا؟ هذا من قاله؟ فقال : بعض فتياننا قال : فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل ، وترك عتاب الصديق ، فقال عليهالسلام :
إني ليهجرني الصديق تجنبا |
|
فاريه أن لهجره أسبابا |
وأراه إن عاتبته أغريته |
|
فأرى له ترك العتاب عتابا |
وإذا بليت بجاهل متحكم |
|
يجد المحال من الامور صوابا |
أوليته مني السكوت وربما |
|
كان السكوت عن الجواب جوابا |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا؟ هذا ما قاله لا فقال عليهالسلام : بعض فتياننا قال : فأنشدني أحسن ما رويته في استجلاب العدو حتى يكون صديقا فقال عليهالسلام
وذي غلة سالمته فقهرته |
|
فأوقرته مني لعفو التجمل |
ومن لا يدافع سيئات عدوه |
|
باحسانه لم يأخذ الطول من عل |
ولم أر في الاشياء أسرع مهلكا |
|
لغمر قديم من وداد معجل |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا لا هذا من قاله لا فقال : بعض فتياننا ، فقال : فأنشدني أحسن ما رويته في كتمان السر فقال عليهالسلام :
وإني لانسى السر كيلا أذيعه |
|
فيامن رأى سرا يصان بأن ينسى |
مخافة أن يجري ببالي ذكره |
|
فينبذه قلبي إلى ملتوى حشا |
فيوشك من لم يفش سرا وجال في |
|
خواطره أن لا يطيق له حبسا |
فقال له المأمون : إذا أمرت أن تترب الكتاب كيف تقول؟ قال ترب قال : فمن السحا قال : سح ، قال فمن الطين ، قال : طين فقال : يا غلام ترب هذا الكتاب وسحه وطينه وامض به إلى الفضل بن سهل ، وخذ لابي الحسن ثلاثمائة ألف درهم (١).
بيان : «الغل» بالكسر الحقد والضغن ، ويقال أتيته من عل أي من موضع عال ، والغمر بالكسر الحقد والغل قوله عليهالسلام : «فيامن رأى» كلام على التعجب
____________________
(١) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٤ و ١٧٥.