من المشركين ، وما زاد الله به في حدود دار المسلمين ، مما قد وردت أنباؤه عليكم وقرئت به الكتب على منابركم ، وحملت أهل الآفاق عنكم ، إلى غيركم.
فانتهى شكر ذي الرئاستين بلاء أمير المؤمنين عنده ، وقيامه بحقه وابتذاله مهجته ، ومهجة أخيه أبي محمد الحسن بن سهل الميمون النقيبة المحمود السياسة ، إلى غاية تجاوز فيها الماضين ، وفاق بها الفائزين ، وانتهت مكافأة أمير المؤمنين إياه إلى ما جعل له من الاموال والقطائع والجواهر ، وإن كان ذلك لا يفي بيوم من أيامه ، ولا مقام من مقاماته ، فتركه زهدا فيه ، وارتفاعا من همته عنه ، وتوفيرا له على المسلمين ، وإطراحا للدنيا ، واستصغارا لها ، وإيثارا الآخرة ، و منافسة فيها.
وسأل أمير المؤمنين ما لم يزل له سائلا ، وإليه راغبا ، من التخلي والتزهد فعظم ذلك عنده وعندنا ، لمعرفتنا بما جعل الله عزوجل في مكانه الذي هو به من العز للدين ، والسلطان والقوة على صلاح المسلمين ، وجهاد المشركين ، وما أرى الله به من تصديق نيته ، ويمن نقيبته ، وصحة تدبيره ، وقوة رأيه ، ونجح طلبته ومعاونته على الحق والهدى ، والبر والتقوى.
فلما وثق أمير المؤمنين ، وثقنا منه بالنظر للدين وإيثار ما فيه صلاحه وأعطيناه سؤله الذي يشبه قدره ، وكتبنا له كتاب حباء وشرط قد نسخ أسفل كتابي هذا وأشهدنا الله عليه ومن حضرنا من أهل بيتنا والقواد والصحابة والقضاة والفقهاء والخاصة والعامة ، ورأى أمير المؤمنين الكتاب به إلى الآفاق ليذيع ويشيع في أهلها ، ويقرأ على منابرها ، ويثبت عند ولاتها وقضاتها ، فسألني أن أكتب بذلك وأشرح معانيه ، وهي على ثلاثة أبواب :
ففي الباب الاول البيان عن كل آثاره التي أوجب الله بها حقه علينا وعلى المسلمين.
والباب الثاني البيان عن مرتبته في إزاحة علته في كل ما دبر ودخل فيه ولا سبيل عليه فيما ترك وكره ، وذلك ما ليس لخلق ممن في عنقه بيعة إلا له وحده