حلالا من حرام ، إلا معرفة لا تأتي به رعية ، ولا يقوم به حجة ، ولو كان مستأهلا قد أحكمته التجارب ، وتفقه في الدين ، وبلغ مبلغ أمير العدل في الزهد في الدنيا وصرف النفس عنها ما كان له عندي في الخلافة إلا ما كان لرجل من عك وحمير (١) فلا تكثروا في هذا المقال ، فان لساني لم يزل مخزونا عن امور وأنباء ، كراهية أن تخنث النفوس عندما تنكشف ، وعلما بأن الله بالغ أمره ، ومظهر قضاه يوما.
فاذا أبيتم إلا كشف الغطاء ، وقشر العظاء ، فالرشيد عن آبائه وعما وجد في كتاب الدولة وغيرها أن السابع من ولد العباس لا تقوم لبني العباس بعده قائمة ولا تزال النعمة متعلقة عليهم بحياته ، فإذا أودعت فودعها ، فإذا أودع فودعاها ، وإذا فقدتم شخصي فاطلبوا لانفسكم معقلا وهيهات ، ما لكم إلا السيف يأتيكم الحسني الثائر البائر ، فيحصدكم حصدا ، أو السفياني المرغم والقائم المهدي يحقن دمائكم إلا بحقها.
____________________
(١) عك وحمير قبيلتان معروفتان من القحطانية من ساكنى اليمن أبعدهم من الفضل والتقدم والمكارم ، فعك : بطن اختلف في نسبه فقال بعضهم : بنوعك بن عدثان بن عبدالله ابن الازد ، من كهلان من القحطانية ، وذهب آخرون إلى أنهم من العدنانية وعك أصغر من معد بن عدنان أبوالعدنانية : وقال آخرون : انه عك بن الديث بن عدنان بن أدد أخو معد بن عدنان.
وكيف كان فقد ارتدوا بعد النبى صلىاللهعليهوآله بالاعلاب فخرج اليهم بأمر أبى بكر الطاهر بن أبى هالة فوافعهم بالاعلاب فقتلهم شر قتلة ، وحاربوا سنة ٣٧ ه مع معاوية بن أبى سفيان أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليهالسلام.
وأما حمير وزان منبر ينتسب إلى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان واسم الحمير العرنج ، وهو أيضا حاربوا مع معاوية بن أبى سفيان أمير المؤمنين بصفين مع قائدهم ذى الكلاع الحميرى.
والمراد أن العباس بن المأمون ولو بلغ من العلم والفقه والزهد ما بلغ لم يستحق ولم يستأهل للخلافة ووزانه وزان رجل من عك أو حمير حيث لا نصيب لهم في الامامة لان الامامة في قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم وهم آل أبى طالب على وبنوه عليهم الصلاة والسلام.