على الذكوت البيض من جانب الوادي |
|
قفا ساعةً واستنطقا الأثَـر البادي |
فكم فيـه معنىً لا يفي ببيانـه |
|
لسان فصيح أو يراعةُ نُقّـاد |
وكم عبرة خرسا بها نطـق البلى |
|
فأفصح تبياناً على غير معتاد |
الى ان يقول :
فيا صفحة الوادي وأنت سجله |
|
أتدرين كم مرّت قرون على الوادي |
وكم قد تلاشت في ثراه مفـارق |
|
وكم طويت فيه أكاليـل أسيـاد |
وكم صولجـان قد تداعـى كيانه |
|
بـه وعروش دكها الزمـن العادي |
ورب لسـان مفصـح عاد أخرساً |
|
وخانتــهُ للتعبيـر قـوّة ايجـاد |
وكان محالاً عنده الصمت فاغتدى |
|
لسلطانه الجبـار أطوع منقــاد |
فهل طويت منه الفصاحة في الثرى |
|
وهل أخمدت في أثرها روعة النادي(١) |
والقصيدة الثالثة قصيدة « العقل » وهي كسابقتها من حيث متانة الأفكار ، وقوة المعاني والمضامين. يقول الشاعر في بعض أبياته :
وازِن بعقلك فـالحجى ميـزان |
|
وزنـت به عـرفانهـا الأذهـان |
وانهج علـى منهاجه كيما ترى |
|
حججـاً عليها ينهض الـوجدان |
فيه فلاسفـةُ الوجود تمكنـوا |
|
مـن حـد مالا يـدركُ الأنسان |
عرفـوا بـه كنه الأثير فحللوا |
|
ذّراتـه فـي ذاتهـا وأبـانـوا |
واستخرجـوا روح النبات وماله |
|
من جـوهر ينمـو بـه الحيوان |
حتى أرونـا للـذوات حقائقـاً |
|
كشف الغطا عن نورها البرهان (٢) |
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٩٧ ، ٢٩٨.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٨٤.