لا يخفى أنّ الشاعر بحكم احساسه المرهف وروحه الرقيقة يتأثر بعوامل عديدة تنعكس على عواطفه وخواطره وتلقي بظلالها على شعره وأدبه. وتشكل هذه العوامل الحدر الاساس في بناء أدب الشاعر وتكوين هيكليته وأساسه. والشيخ الفرطوسي وهو الشاعر الذي حمل بين حنايا ضلوعه قلباً حساساً وروحاً شاعرة وعاطفة ثائرة كان لا بد ان يتأثر بالعوامل المحيطة به وأن يعكسها على مرآة شعره وأدبه. ومن هذه العوامل :
لا شك أنّ للمحيط الأثر الأكبر في بلورة شاعرية الشاعر وتحديد معالم أدبه وشعره. وكما قال الفرطوسي : « إنّ للمحيط الذي يتشبع ذهن الانسان بخواطره وتملأ عينه بمناظره. والحياة التي يعيش في رغد نعيمها أو نكد جحيمها. والنكبات التي تفاجئه بها الحوادت فيتلقاها بالثبات او يستسلم لسلطانها. والاتجاهات العاطفية التي تسير بالنفس الى شواطيء رغباتها. كل هذه العوامل لها أثر واقعي في توجيه أدب الشاعر وتكييفه لان الأدب موهبة من مواهب النفس ، والنفس تتأثر بهذه الدواعي فلابد وأن يظهر لونها على الأدب (١) ».
ولون الأدب عند الفرطوسي هو لون الحزن والألم بل قل لون العذاب
__________________
* ـ ليس المقصود من الميحط هنا البيئة التي عاشها الشاعر وتأثر بأجوائها. فهذا موضوع سبق أن بحث في الباب الأول من هذه الدراسة. وانما المقصود من المحيط هو العوامل غير البيئية التي حدقت بالشاعر وأثّرت عليه وشاركت في حوك نسيجه الشعري المتميز.
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٦.