والشقاء فقلما أحس الشاعر ساعة هناء أو استساغ فمه طعم نعيم خلال العقود السبعة التي عاشها وما أصعبها من عقود. وعن أسباب هذا الحزن يقول الشاعر : « أعيش في زوايا مظلمة من بيت قديم متداعي لا تجد الشمس فيه مدخلاً سهلاً لأشعتها ومتى ضاقت النفس من سجن هذا القفص وطلبت التمتع بالفضاء الرحب والنسيم الطلق ذهبت الى « وادي السلام » وماذا بالوادي غير قبور بالية ومناظر حزينة باكية تستعرضها فتمر في ذهنك ذكريات عشرات من القرون الغابرة طويت أجيالها في صفحاتها ويهيمن على نفسك وأنت تستطلع الطريق بين أرمالها سكون ذلك الوادي الرهيب وروعته وجلاله. كما أني أرتاد في كل عام بعض المناطق القروية وهي طافحة بصور الفقر والبأساء متحشدة بمناظر الحزن والألم فتطبع في القروية وهي طافحة بصور الفقر والبأساء محتشدة بمناظر الحزن والألم فتطبع في نفسي من هذه وتلك ألوان من الصور الكئيبة وتحز في قلبي مدى من آلامها (١) ».
ويستشف من شعر الفرطوسي الكثير الكثير من ضروب البؤس والشقاء التي تقاطرت على الشاعر من كل حدب وصوب وبحلقات متسلسلة ومتواصلة :
حياتُك واليـأس صُنوٌ لها |
|
ومنها الـرّدى فَرقاً يفزع |
حياة الجحيم علـى ما بها |
|
الـى جنبها رغـدٌ ممتع |
حيـاةٌ ترقُ لها الحادثات |
|
ويرثـي لها الألم الموجع |
عجبـت لقلبك يحيى بها |
|
وفي كلّ آن لـه مصرع |
حياتُك يا منبعَ العاطفات |
|
ضروبُ الشقـاء بها تنبع |
له ألفُ مطلع حزن يُرى |
|
ومـا للسرور بهـا مطلع |
وأنت على ما بها من عناً |
|
يقض له الجنب والمضجع |
أراك ولـوعـاً بـآلامها |
|
فرفقاً بنفسك يـا مولـع |
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٦ ، ٢٧.