ففي عام ١٣٦١ هـ نكب الشاعر بمصرع أخيه الشاب « جبار » إثر عملية جراحية فاشلة. ولم تمض سنة حتى نعي بوفاة ولده « عبدالرزاق » وذلك عام ١٣٦٢ هـ وما هي الاّ سنوات ويفقد الشاعر طفله « علي » عندما كان يمرح مع أترابه في ملعب الطفولة. ثم يأتي عام ١٣٧٢ هـ ليفجعه بأخيه الأكبر الشيخ عبدالزهراء.
وعلى الرغم من كل ما قاسى الشاعر من مصاعب وآلام ، وما تحمل من شقاء وعذاب ، فانه بقي صلب العود ، قوي الايمان ، راضياً بقضاء الله ، غير قانط من رحمته ، متحلياً بالصبر في كل حال من احواله :
لقد شهد الـدهر المحددُ نابـهُ |
|
علي بأني قـد أبنت به الكسرا |
وما أنكرت مني الصروف صلابة |
|
تعودتها مـا اقبلت زمراً تترى |
وكنت اذا جازت مساحة اصبع |
|
إلي صروف الدهر جاوزتها شبرا |
تتـوق لانغام الخطوب صبابـة |
|
وتهتز نفسي مـن تقاطيعها بشرا |
وتنعـم عينـي بالظلام كـأنما |
|
سواد الدجى كحل لمقلتها العبرى |
تأملت في هذي الحياة فلم أجد |
|
بها لي الاّ مسلكاً مـوحشاً وعرا |
كأن خطوب الدهر آلت وأقسمت |
|
على نفسها أن ترغم الفطن الحرا |
رضيً بقضاء الله إن كان قد قضى |
|
علي بأن اشقى وطوعاً لما اجرى |
وصبـراً يـراعَ الحـر انّك مثلُهُ |
|
غريب فلا تستعظم الخطب والأمرا |
تروم بـأن تحيا مـن الدهر مطلقاً |
|
ويحكم إلاّ أن تموت بـه أسرا (١) |
ولا ننسى ونحن نستعرض ألوان الشقاء التي اصطبغت بها حياة الشاعر أن نذكر نكبته ببصره حيث حرم النور ولما يبلغ الخمسين من عمره. وقد كان وقع هذا الخطب على نفسه عظيماً حيث أثار لواعج احزانه وجدد قديم آلامه وأشجانه.
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٥٦ ، ٢٥٧.