لم يغفل الشيخ الفرطوسي عن مكانة التاريخ في التعبير الشعري ومدى تأثيره في حياة الناس. فقد استخدم الشاعر هذا العامل المحفز للإشادة بأمجاد السلف وتذكار تراثهم العريق الحافل بالمفاخر والبطولات ليستنهض همم أبناء جلدته ، ويثير في نفوسهم الحماس والحمية من أجل الدفاع عن مبادئ الدين القويم ، والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله.
وكثيراً ما أشاد الشاعر بالماضي القديم ليستعيد من وهجه المضيء قبساً ينير درب المستقبل الذي اظلمته الحروب والويلات وعكّرت صفوه النوائب والأزمات :
عزائم العرب ثوري وانضي فينـا |
|
الى الوغـى وأعيدي مجـد ماضينا |
ورفرفي يـا بنودَ الحـقِّ خافقةً |
|
بالنصر واستقبلي دنيـا أمانينـا |
قـد آن أن تملأ الدنيا عـزائمنا |
|
ناراً مـوقـدة تُصلـي أعـادينا |
فتلك أوطاننـا أضحت بها علناً |
|
بشائـرُ النهضــة الـكبرى تحيّينـا |
ثارت فلم يبق في دنيا الفخار فـمٌ |
|
للعـرب إلاّ ولبّـاهـا تــلاحينـا |
وطاف في الشرق صوت الحق فابتهجت |
|
لـه النفـوسُ ولبّتــه مـواضينـا |
واستنهـض المجد من أبناء نجدته |
|
عزائمـاً بعثت روح الإبـا فينـا (١) |
ويلح الشاعر على تصفح التأريخ المجيد ليقرأ في صحائفه الوضّاءة أمجاد أمّته الخالدة التي حققت النصر والغلبة تحت راية الأسلام وبنصر من الله مؤزّر :
يا أمـة خانها في الشرق طالعهـا |
|
فعاد فـي صفقة الخسران مغبونـا |
سلي الحوادث عن تأريخ نهضتنـا |
|
«واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا» |
____________
١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢١٧.