سيطر الواقع الاجتماعي والسياسي على شعر الفرطوسي سيطرة بعثت فيه روح الاندفاع نحو الأصلاح والنهوض بوجه الأمر الواقع الذي يفرضه المستعمر الغاشم بشتى حيله الاقتصادية والسياسية والثقافية. فكان الشاعر يدرك هذا الواقع المر من خلال حسه الشعوري المرهف وتواجده الفاعل والمستمر في الساحة. وكان مواظباً في تصويره للواقع الاجتماعي والسياسي مبتعداً عن حالة الغموض والرمزية مستخدماً الطريقة المباشرة في التعبير ليتسنى لعامة الشعب فهم رسالته واستيعابها بسهولة.
وكان الشاعر يعيش مع الأحداث ويواكب مسيرتها خطوة بخطوة ، ويحاول الالتفات الى منعطفاتها الخطيرة التي تذهب بالأمة الى هاوية الانزلاق والسقوط. فنلحظه مثلاً عندما نشبت الحرب العالمية الثانية يصرخ مندداً بهذه الطامة العظمى التي أضرمتها نار الأحقاد والضغينة لتحيل نعمة الأرض وخيرها نقمة وشقاءً :
إنّها الحـرب أضرمتها سعيراً |
|
بلظاهـا الأحقـاد والبغضـاء |
قد أشابت حتى الجمادات هولاً |
|
وهــي بكـرٌ فتيّـةٌ عـذراء |
تخذوها الـى المطامـع جسراً |
|
كونتـه الأغـراض والأهـواء |
ظلموا العـالَم الوديعَ اغتصاباً |
|
ليفوزوا بهـا فخاب الـرجـاء |
ألقحوها وهم شقـوا بلظاهـا |
|
ويظنّـون أنّهــم سعــداء |
كم أساؤا الـى الحضارة فيها |
|
ليتهم أحسنوا كما قـد أساؤا (١) |
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٥٩.