وما ان وضعت الحرب أوزارها حتى بدأ التأزم الاقتصادي يتفاقم ، وبدأت المشاكل تتوالى الواحدة بعد الاُخرى ، وبدأ الفساد يدب في المجتمع دون رادع ومانع. فعزّ على الشاعر أن يرى أبناء شعبه وهم يتخبطون في البؤس والشقاء ، فأشاد بالاصلاح ودعا المصلحين إلى العمل من أجل خلاص الشعب من ربقة العناء والألم :
رُحماك يا مصلح الأخلاق بالبشر |
|
لم يبق فيه لقوس الصبر من وتـر |
انّ الفضيلةَ لـم نبصر لها وضحاً |
|
وهل تُحسُّ بلا عين ولا أثـر (١) |
ومنبتُ الخير قد غاضت منـابعهُ |
|
وموقد الشر يطغى من لظى الشرر |
والكون مجزرةٌ تبـدو لنـاظرها |
|
مـن الضحايـا بها آلاف محتضر |
ومعرض حاشد بالبؤس قد مثلت |
|
به الفضائعُ أشكـالاً على صور |
ضاعت مقاييس إصلاح منظمـة |
|
لكـلّ وضـعٍ من الإفساد منتثر |
فأختلّ منّـا نظـامُ الاجتماعِ لها |
|
حتـى بدا فيه نقصٌ غيرُ مستتر |
وأُبعـد النبلُ عـن قوم به عرفوا |
|
وقرّبـوا بعد عـرف الحق للنكر |
وكل شيء على عكس المرام بدا |
|
مشـوه الشكل بعـد المنظر النضر |
ولا نحسّ لهـذا النقص من سببٍ |
|
سوى اختلال نظام العالم البشري (٢) |
ولم تقتصر نداءات الشاعر ومناشداته الاصلاحية على عصر أو حكم. فكما طالب بالاصلاحات في العهد الملكي نراه يطالب بها وباندفاع أكبر في العهد الجمهوري. ومواقفه في هذا الخصوص كثيرة ، منها قصيدته اللاذعة التي ألقاها في المهرجان الكبير الذي اُقيم في مدينة النجف عام ١٩٦٣ م بمناسبة مولد الامام الحسين عليهالسلام والتي قال فيها :
__________________
١ ـ الوَضَح : الضَّوء. ( لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٢٣ ).
٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٤٤ ، ١٤٥.