أمّا عن مناخها فيقول جعفر آل محبوبة : « هواء صيفها حار يابس وفي الشتاء بارد قارص وعندما يشتد الحر في الصيف يلتجىَ أهلها إلى سراديب منحوتة في الأرض نحتاً بديعاً » (١) ويقول في موضع آخر : « يهب الهواء الناشف الساكن الهادىَ في فضاء النجف ولم يحمل معه ما تتركه المياه المتعفنة والمستنقعات الوبيئة فتراه نسيماً خالصاً به ينتعش الحزين ويصبو الولهان ويستيقظ المستهام فيثير عواطف الوداد ويهيج هواجس الشوق فتتفجر براكين أرباب الغرام فترمي بقذائف الأفكار فتسبكها في بودقة الخيال فتنصب شعراً » (٢).
وتعتبر النجف من أهم الحواضر الاسلامية المقدسة بعد مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، والقدس الشريف. وهي اليوم جامعة تربوية دينية ، انتهت اليها مسؤولية تدريس علوم أهل البيت عليهمالسلام واحياء أمرهم ونشر مذهبهم ، اضافة الى ريادتها التاريخية في الحفاظ على التراث الاسلامي وصونه من الضياع والتلف.
ورثت النجف طبيعة قبلية كانت قد استفحلت فيها القيم البدوية والأعراف السائدة في العشائر التي نزحت اليها. فسكان النجف ينتمي بعضهم الى أعراب البوادي الرحالة القادمين من طوائف الحجاز ، وبعضهم ينتمي إلى عشائر العراق القاطنة على ضفتي دجلة والفرات ، بالإضافة إلى بعض العناصر المختلفة كالفارسي ، والهندي ، والتركي الذين تأثروا ببيئتهم الجديدة فأصبحوا جزءاً منها في عاداتها وتقاليدها وسلوكها الاجتماعي.
__________________
١ ـ ماضي النجف وحاضرها ، ج ١ ، ص ٧.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٣٨٨.