قبيل الحكم الجمهوري وفي عهد الاحتلال البريطاني عاش الناس فقراً مدقعاً وحياة شظف ونكد لم يكن الفرد يجد لقمة الخبز التي تقيم أوده وتحفظ رمقه. ولم يكن الفقر آنذاك قاصراً على طبقة دون اخرى بل كان شائعاً بين أوسع طبقات المجتمع بلا استثناء.
وقد تناول الشاعر في كثير من قصائده مأساة الفقر وما كان يعانيه الشعب من بؤس وحرمان نتيجة العوز وضيق اليد. ومن هذه القصائد قصيدة « اليتيم » التي صور فيها جانباً من حياة الفقر والشقاء التي كان يعيشها الناس في تلك الآونة :
طفل يتيم أقضّ الجـوعُ مضجعه |
|
ملوّع القلب قد أودى به الخور (١) |
قـد مات والـده فاظلمّ مكتئباً |
|
أفـق الرجاء عليـه مذخبا القمر |
إلى أن يقول :
والهفتـاه لـه من ضارعٍ سغب |
|
قد طأطأ الرأس منه الفقر والصغر (٢) |
أودى به البؤس من جوع ومن شعث |
|
فاغبـرّ منه المحيـا الطلـق والشعر |
يستعطـف الناس ممّا قـد ألمّ بـه |
|
وليس فيهـم لصـوت الحـق منتصر |
ويسـأل القـوم إسعـافاً وحـاجتُه |
|
قرصٌ يكـافح فيـه الجـوع أو كسر |
وليس فـي القوم مـن يصغي لندبته |
|
وهـي الحزينـة لـولا أنهـم صـور |
يمـدّ إحـدى يديـه سائـلاً ويـدٌ |
|
يصـون فيهـا محيّاً شأنـه الخفر (٣) |
معطـل الجيــد لـولا أن جبهتـه |
|
تنـدى حيـاً فتحلـي جيـده الـدرر |
__________________
١ ـ الخَوَر : الضعف. ( لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٤٢ ).
٢ ـ الضارع : الضعيف الذليل. ( لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٥٣ ).
٣ ـ الخَفَر : شِدَّةُ الحياء. ( لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٥٢ ).