لا يسأل النـاس إلحافاً بحـاجته |
|
ولس ينقم إن صدوا وإن بطروا (١) |
مطأطئ الرأس في رجليه قد جمدت |
|
دماه من طول ما يرجو وينتظر (٢) |
والشاعر نفسه لم يكن بمنأى عن هذه المأساة ، فطالما مرّ بظروف قاسية يوم كان طالباً دينياً لا يصله من الحقوق الشرعية إلاّ النزر القليل حيث لم يكن يكفيه لسد حاجاته وادارة شؤونه.
وقد حاول الشاعر مراراً معالجة هذه الظاهرة الخطيرة في قصائد عديدة من شعره ، منها قصيدة « قادة العلم » التي أرسلها صرخة مدوية يستنهض بها همم الولاة والقادة لدرء هذا الخطر المحدق بحياة الناس وخاصة حياة طلاب العلم :
يا قـادة العلم والاصلاح مجدكم |
|
والـدين مجدٌ عظيمٌ ثُـلَّ وأنثلمـا |
...هذي الأزاهير وهي الغرس بعدكم |
|
وكنتُـم قبلُ غرساً نـاشئاً فنمـا |
تسد بـالترب أفـواها قـد التقطت |
|
مسامع الفضل منها الدر منتظمـا |
وتستقي مـن سراب اليـأس ظامئة |
|
لأنفس فجرت أحشاؤها حكمـا |
وترتـدي الخشن البـالي وتلحـدها |
|
مـن البيوت سجون طبقت ظلما |
لا تبتغـي رغداً فـي ظل نـاعمة |
|
مـن الحياة تـدر الخير والنعمـا |
ولا روىً مـن أبـاريـق لطـائشةٍ |
|
من اللذائـذ اضحت تعبـد النغما |
ولا قصـوراً هي الفـردوس غارقةً |
|
من النعيم تضم الحـور والخـدما |
لكنهـا تبتغـي قـوتـاً الى رمـقٍ |
|
على الجهاد به تقوى وقد عُدما (٣) |
وكان الشاعر في كثير من الأحيان يتوجه في محاولاته الاصلاحية لظاهرة الفقر ، الى الأغنياء والموسرين ليستدر عطفهم ويجلب اهتمامهم تجاه الفقراء
__________________
١ ـ البَطَر : الطُّغيان في النعمة. ( لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٢٩ ).
٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٦٩ ـ ١٧١.
٣ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، ٢٧٨.