لم تكن الخدمات الصحية في عهد الاحتلال بأحسن حالاً من التعليم. فقد كانت هي الاخرى تتخبط في جهالة عمياء وتنوء تحت التخلف والانعدام. وقد شهد العراق في تلك الفترة شيوع الأوبئة والأمراض الخطيرة بسبب انعدام الخدمات الصحية المناسبة وعدم توفر الأطباء المعالجين وقلة الأدوية المكافحة للأمراض.
وموضوع الصحة من المواضيع الرئيسية التي تناولها الشاعر في شعره الاجتماعي لارتباطها الوثيق بسلامة المجتمع وسلامة أفراده. فكان يتأثر تأثراً شديداً لتدهور الوضع الصحي العام ، ويتفجر أسىً وألماً حين يرى أبناء وطنه يفقدون حياتهم نتيجة الجهل وانعدام العلاج الصحيح :
فيـا عصر التقدم قـد رجعنا |
|
فأصبحانا نسير الـى الوراء |
أنخبط في ظلام الجهل خبطاً |
|
ونحن بظل عصـر الكهرباء |
فأيـن الاكتشافُ وقـد علمنا |
|
بـه أسـرار ذرّاتِ الهباء (١) |
أيقصـر عـن مكافحـة لداءٍ |
|
يسيـر بنـا الـى دنيا الفناء |
فقـد ذهبت ملايين الضحايا |
|
قـرابينـاً لديه بـلا فـداء |
وكم شقيت نفـوسٌ بائساتٌ |
|
بـه نُكبت فباتت في شقـاء |
فمـن طفل وديع كـان ينمو |
|
بأحضـان الطفولة بـازدهاء |
ذوى فتسـاقطت منه ذبـولاً |
|
رؤىً نثرت كمنثور الغُثاء (٢) |
وأم فيه قـد فجعت فأضحت |
|
تـودّعُه حنـوّاً بـالبكـاء |
__________________
١ ـ الهباء : دقائق الغبار. ( لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٣ ).
٢ ـ الغُثاء : البالي من ورق الشجر. ( لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٢٠ ).