عانى العراق في ظل الحكم الملكي مشكلة الأقطاع الزراعي التى تأصلت في هذا البلد منذ غابر الأزمان. وقد تجرع الفلاح من غصص الأقطاع ما تجرع. فالأرض التى يدأب في حرثها وزرعها وريّها وحصادها يسلب نتاجها عنوة من قبل الجباة ، فلا يصله منها إلاّ النزر القليل.
وقد أشار الشيخ الفرطوسي الى نظام الاقطاع الجائر في قصائد عديدة ، منها قصيدة « ابن القرية » التي خاطب فيها الفلاح قائلاً :
وافى الحصاد إليـك فاعقد مأتماً |
|
للحـزن واندب قلبك المفجوعا |
قد كان عندك قبل يوم حصادها |
|
أملٌ تـرجيه بهـا فـاضيعــا |
وأتتك تـزدحم الجباة ولا أرى |
|
لك ما يسد عتّـوها المـدفوعا |
الـزرع والبقرات قوتك بعتهـا |
|
إثـر الشياه ولم تف المجمـوعا |
وأراك اجلـدَ من صفاة بينهـم |
|
وأرى سواك على الرخاء جزوعا(١) |
مـاذا بكوخك من حطام يرتجى |
|
من أجلـه تتجّشـمُ التقـريعـا |
فاخرج من الكوخ الحقير الى العرا |
|
واخلـع لديهم ثـوبك المرقوعا |
فعسى يفـي بقيا الضريبة منهما |
|
ثمن يصـون جبينـك المصفوعا |
أشبالك الغرثـى بطوناً روّعـوا |
|
قلب العفـرنـى بالبكاء فريعـا |
ضجوا وقد فزعوا إليك من الطوى |
|
هل في عيابك ما يسد الجوعـا |
أتـراهُمُ يتهـافتون على النوى |
|
شبـه الفراش إذا أحس سطـوعا |
واذا هوت كسر الرغيف تدافعوا |
|
وتسـابقوا طرباً لهـا وولوعـا |
سـودُ الجسـوم عراتها فكـأنما |
|
نسجت لهم كف الهجير دروعا (٢) |
__________________
١ ـ الصَّفاة : صخرة ملساء. ( لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٣٧١ ).
٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٥٥ ، ١٥٦.