والجدير ذكره ان الشاعر نهج المسلك ذاته في وصف الأشياء أيضاً. فهو عندما يصف قلمه مثلاً يخاطبه وكأنه كائن ذو روح يتوخى منه الخير والصلاح ، ويضع على عاتقه مهمة البناء والاصلاح :
يا رسول البيـان كم ذا أرتنا |
|
معجزات البيان مـنك رسولا |
تتلقى مواهبَ الـروح وحيـا |
|
فتعـي كـل لحظـة انـجيلا |
كم معان كشفت عنها غطـاءً |
|
للخفا كان فـوقهـا مسـدولا |
ورمـوز حللتها بـوضـوح |
|
فأجدت الايضـاح والتحليـلا |
أنـت سلك يمده العقل نـوراً |
|
حين يُهـدى فيذهـبُ التضليلا |
... أنت تبنـي
دنياً وتهدم دنياً |
|
حين تُفني جيـلاً وتخلـق جيلا |
أنـت أقوى من العفرنى جَناناً |
|
حيـن تسطـو وان بدوت عليلا |
أنت أشجـى من الحمامة لحناً |
|
حين يغدو منـك الصرير هديلا |
أنـت امضـى من المهند حدّاً |
|
حين تنضو غرارك المصقولا (١) |
تناول الشيخ الفرطوسي الغزل باعتباره غرضاً من أغراض الشعر التقليدية وليس تعبيراً عن تجربة حب واقعية أو تبادل عاطفي حقيقي. ففي بيئة متشددة كالنجف حيث القيود الصارمة المفروضة على اختلاط الجنسين ، والأعراف التقليدية المتزمتة على المرأة ، لا مجال لبلورة مثل هذه الظواهر الاجتماعية على الاطلاق.
__________________
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٦٠ ، ٢٦١.