ومن هنا أصبح التغزل الحسي شائعاً لدى الشعراء ، يكثرون من إبراز المحاسن الجسدية للمرأة في محاولة منهم لمحاكاة شعراء السلف ، والتعبير عن لواعج النفس التي طالما عانت كبت الغرائز الفطرية ، والحرمان النفسي والعاطفي.
ولم يكن الفرطوسي بمنأى عن أترابه الشعراء. فقد تطرق هو الآخر الى الغزل الحسي ، والتغني بمرئيات الجمال النسوي دون أن يظهر فيه مجون أو نزول الى حضيض الشهوات :
علـى خديـك أجمل وردتين |
|
قطافهمـا الشهـيُّ بقُبلتيـن |
وفـي عينيك للعشـاق سحرٌ |
|
ومبعثـه سـواد المقلتيــن |
وفـي شفتيك للشفقين لـون |
|
يخضب منـه فجر المبسمين |
يمـوج الحسن بينهما شعاعاً |
|
فيجلى منه ليل الخصلتين (١) |
ولكن ظاهره الغزل الحسي ظهرت متأخرة في شعر الفرطوسي وتحديداً عند خروجه من العراق وإقامته مدة في « سويسرا » و « لبنان ». ففي مثل هذا المحيط المتحرر استطاع الشاعر أن يصف مشاهداته العينية بكل حرية وبدون قيد أو شرط :
جُرح قلب المشوق من مقلتيك |
|
قبلـة وقّعـت علـى شفتيـك |
ورحيق الـرضاب منك شهيّا |
|
هو خمري والكأس من مبسميك |
انا أهوى سـود العيون لسحر |
|
هـو معنى السواد فـي مقلتيك |
الى أن يقول :
أعشق الورد لون خديك فيـه |
|
ورقيـق الأديـم مـن وجنتيك |
تعشق العين مـن جبينك شمساً |
|
حين تهوى الهلال من حاجبيك |
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٢٠٣.