فهذا ابن مالك كتب ألفية في النحو ، وهذا فلان كتب منظومة في الكلام ، وهذا فلان ، وهذا فلان .. فما بالنا لا نكتب في أهل البيت ونحن نروي : « انّ من قال فينا بيتاً بنى الله له بيتاً في الجنة ». فتعاهدنا على أن نبدأ من ليلتها ، وكانت في منتصف السبعينات ، وكأن الله سبحانه قد انتدب لذلك عبده الشيخ الفرطوسي ، فلم نوفّق لا أنا ولا الشيخ الصغير إلى كتابة الألفية ، أمّا الفرطوسي فقد جاءني في اليوم التالي وأملى عليّ أكثر من مئة وثمانين بيتاً موحدة الرويّ ، وهي من بحر الخفيف وقافيتها مكسورة الهمزة. ثم صار كل يوم يأتيني بمثل ما جاء به في اليوم السابق وزيادة. وكان المفروض أن تقع الملحمة في ألف بيت إلاّ أنّه تجاوز الألف وهو ما يزال في سيرة النبي محمد صلىاللهعليهوآله ومعاجزه ، فصمّم على أن يكتب في أهل البيت ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، حتى وُفق إلى ما لم أحصه من الشعر. وقد طبعت سبعة أجزاء من الملحمة في حياته ، وبقي جزء يحتوي على أكثر من خمسة آلاف بيت ، وكان لا يزال غير مطبوع في العراق ... فنقله أحد أقاربه ... من النجف إلى المغرب ، ومن المغرب إلى أبو ظبي حيث كان الفرطوسي ينتظر أن يصله هذا الشعر ليعيد النظر فيه ويكمل به الملحمة. إلاّ انه أطبق عينيه وهو شبه الآيس من وصوله ، فتولى ولده الشيخ حسين الفرطوسي نشره على ما هو عليه ، وتمت به الملحمة ثمانية أجزاء » (١).
__________________
١ ـ مجلة التوحيد : العدد ٣٢ ( ١٤٠٨ هـ ) ، ص ١٠٥.