من جملة الملاحم الشعرية التي حظت بشهرة واسعة في الأوساط الأدبية ـ إضافة إلى ملحمة الشيخ الفرطوسي ـ ملحمة الشاعر اللبناني بولس سلامة الموسومة بـ« عيد الغدير » (١) وتتناول هذه الملحمة أهم نواحي التاريخ الإسلامي من الجاهلية إلى آخر دولة بني أمية. ولهذه الملحمة نقاط اشتراك واختلاف مع ملحمة الشيخ الفرطوسي نذكرها للمناسبة.
من أهم المشتركات التي يمكن الاشارة إليها هنا هو موضوع الملحمتين. فقد تناول كلّ من الشاعرين بولس وعبدالمنعم التاريخ الاسلامي وما يدور في فلكه من شؤون وأحداث ، كلّ بطريقته الشعرية الخاصة واُسلوبه الأدبي المتميز. ويبقى الفارق في أمرين :
الأوّل : التوسع الموضوعي الذي اتبعه الشيخ الفرطوسي في ملحمته حيث تناول موضوعات كثيرة مثل العقائد والسيرة والتاريخ وتفسير القرآن لم يتطرق إليها الشاعر بولس سلامة وذلك لمقتضيات وضرورات منهاجه في ملحمته.
والثاني : هو تعميق الفكرة وتوسيعها من حيث المحتوى والمضمون وهو النهج الذي سار عليه الشيخ الفرطوسي في نظم ملحمته ، بينما ذهب الشاعر بولس إلى نبذ الاسهاب والتطويل متخذاً من الإيجاز والاختصار المفيد منهاجاً لملحمته.
ولتبيين هذه الفكرة نأخذ مثلاً حديث الشاعرين عن أبي طالب عليهالسلام عمّ الرسول صلىاللهعليهوآله . فالفرطوسي كدأبه في ملحمته يتجه نحو التوسيع فيبدأ كلامه بالحديث عن نصرة أبي طالب للإسلام :
__________________
١ ـ نظمها الشاعر باقتراح وإيعاز من السيد عبدالحسين شرف الدين. وقد صدرت في بيروت للمرة الاُولى سنة ١٩٤٧ م ، ثم تكرر طبعها سنة ١٩٦١ م وسنة ١٩٧٣ م.