انهى عبد الكريم قاسم بثورته سبعاً وثلاثين سنة من الحكم الملكي. وقد عوّل الشعب آمالاً كبيرة على هذه الثورة الاّ انها آلت في النهاية الى صراعات حادة واشتباكات عنيفة بين ضباط الثورة من جهة ، وبين الحركات السياسية التي ظهرت في عهد قاسم كحركة القوميين وحركة الشيوعيين من جهة اخرى. ولم يصمد عبد الكريم قاسم في سدّة الحكم سوى خمس سنين حيث تم القضاء عليه بانقلاب عسكري قام به عبد السلام عارف في الثامن من شباط عام ١٩٦٣ م (١).
ولم يهدأ العراق بعد انقلاب عارف. فقد زج في دوامة من الانقلابات والصراعات العسكرية التي آلت في النهاية إلى مصرع عارف سنة ١٩٦٦ م وتسلّم أخيه عبد الرحمن عارف زمام السلطة. وقد بقي هذا الأخير في سدّة الحكم سنتين ثم اُجلي عن منصبه بعد أن تسلّم حزب البعث مقاليد الحكم في السابع عشر من تموز عام ١٩٦٨ م (٢).
احتلّت النجف مكانة علمية مرموقة ، وشهدت ازدهاراً ثقافياً متمّيزاً منذ أن حلَّ بها الشيخ الطوسي (٣) ـ في أواسط القرن الخامس الهجري ـ وأسس فيها جامعته الدينية الكبرى. ومن يومها ذاك أصبحت مدينة العلم التي يَؤمُّها الطلاب
__________________
١ ـ جمال مصطفى مردان : عبدالكريم قاسم ، البداية والسقوط ، ص ١٤٥.
٢ ـ عبدالوهاب الكيالي : موسوعة السياسة ، ج ٤ ، ص ٦٢.
٣ ـ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ ). شيخ الطائفة الامامية وزعيم العلماء والمجتهدين. له مؤلفات كثيرة منها : « الاستبصار » و « التهذيب » في الحديث ، و « التبيان في تفسير القرآن » ، و « المبسوط » في الفقه ، و « العدة » في الاصول ، ومؤلفات اخرى في الرجال والكلام والعقائد. ( معجم رجال الفكر والادب في النجف ، ج ٢ ص ٨٥٣ ).