من كل حدب وصوب ، ويتقاطر عليها الوافدون من شتى أقطار العالم. وهي اليوم لا تزال مركزاً هاماً للدراسات الاسلامية وخاصة في علوم الفقه ، والاصول ، والفلسفة الاسلامية ، وتفسير القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف ، وكل ما يتعلق بقضايا العقيدة الاسلامية ، وشؤون الفكر الاسلامي.
واستمرت الحركة العلمية في هذه المدينة وأخذت تنشط وتتطور بفضل الجهود التي بذلها الشيخ الطوسي في تنسيق العلوم الدينية ، وتأليف الكتب الدراسية المختصة بها ، وتهذيب رجال اكفّاء تكون لهم القدرة الكافية على تدريس هذه العلوم ونشرها في أوساط المجتمع الاسلامي. وكم حفظت هذه المدينة وعبر مسيرتها العلمية الطويلة من أسماء لعلماء ومفكرين عظام كان لهم الدور الأكبر في بث الوعي الاسلامي وإثراء المكتبة الاسلامية بجلائل الكتب والمؤلفات.
ولم تكن جامعة النجف تتقيد بمحل خاص للدراسة ، فكثيراً ما كانت العلوم الدينية تدرّس في غرف الصحن العلوي وإيواناته ، بالإضافة الى حلقات الدرس التي كانت تشكل في المساجد والجوامع الكثيرة المنتشرة هنا وهناك والتي اتخذ طلاب العلوم الدينية من بعضها مركزاً للبحث والتدريس. ومن اهم هذه المساجد : مسجد الخضراء (١) ومسجد الهندي (٢) ومسجد الشيخ الطوسي (٣).
__________________
١ ـ من المساجد القديمة البعيدة العهد. موقعه شرقي الصحن بالقرب من الجهة الشمالية. لا يعرف وجه تسميته بالخضراء ويمكن أن يكون أُحدث مع الحضرة الشريفة فعرف بمسجد الحضرة ثم صحّف ، أو كانت فيه خضرة فعرف بها. ( ماضي النجف وحاضرها ، ج ١ ، ص ١٠٢ ).
٢ ـ أسس هذا المسجد في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، وهو فخم البناء واسع الساحة ، يقع في آخر سوق البزّازين قبالة الصحن الشريف. وانمّا سُمّي بالهندي لانّه كان والسوق المجاور له لعائلة ثرية هندية كانت تقطن النجف. ( ماضي النجف وحاضرها ، ج ١ ، ص ١١٧ ).
٣ ـ من المساجد القديمة ، كان داراً للشيخ الطوسي وبعد وفاته أوصى أن يدفن بها وأن تجعل مسجداً من بعده. وهو اليوم من أشهر مساجد النجف ، ويقع في محلّة « المشراق » من الجهة الشمالية من الصحن العلوي. ( ماضي النجف وحاضرها ، ج ١ ، ص ١٠٤ ، ١٠٥ ).