بالمسؤولية ويدرك ثقل العبء الملقى على عاتقه. يقول عن نفسه : « ... وفي الخامسة عشرة لبست العمامة ( الشعار الديني ) وأصبحت اشعر بالمسؤولية في تنظيم حياة عائلتي التي يبلغ عددها خمسة أفراد فأثقلت كاهلي بعبء السفر وكانت المنطقة التي اقصدها من ريف العراق هي ( ناحية المجر الكبير ) حيث منحت قطعة من الأرض الزراعية أعيش من نتاجها الضئيل حسب صلتنا بمشايخها الموروثة من الآباء » (١).
وهكذا بدأت حياة الفرطوسي الفتى تأخذ مسيرها صوب تحمل المسؤوليات الجسام ، والتعامل بموضوعية مع الواقع المر الذي فرض عليه وهو في سن مبكرة. ولم تنل من عزيمة الفتى الصعاب التي كانت تعترض مسيرة حياته والمشاكل التي كانت تحدق به من كل حدب وصوب. فقد واصل طريقه ـ بالرغم من انشغاله بتوفير لقمة العيش ـ في طلب العلم وتحصيل المعارف من خلال مثابرته واجتهاده في البحث والدراسة حتى بلغ القمة في التدريس واصبح في وعي المجتمع النجفي ، وفي الحوزة العلمية « الفاضل الذي يعترف الجميع بعلمه لاسيما علوم العربية التي كان مدرسها البارز الذي يتهافت عليه الطلاب هناك ليستفيدوا من إحاطته الشاملة ، ومن أسلوبه الأدبّي المشرق (٢) ».
ومع تقدمه في مجال العلم والمعرفة بدأ نجم الفرطوسي يتألق في سماء الأدب وخاصة في محافل الشعر وحلبات الأدب التي كانت تقام دائماً وبدون انقطاع في النجف. وبفضل موهبته الشعرية ونبوغه الخارق في ارتجال الشعر ونظم القصيد تصدر الشاعر مجالس الأدب وتربع على عرش حلباته حتى أصبح
__________________
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٩.
٢ ـ عبد المنعم الفرطوسي : ملحمة أهل البيت عليهمالسلام ، ج ٨ ، ص ٣.