لقد كان ؛ شديد التواضع مع سمو مكانته العلمية ، وكان « صاحب الخلق الرفيع في ابتسامته المشرقة ، وفي احتضانه الشعوري للناس الذين يلتقيهم ، وفي اقباله على محدثيه .. وفي الدقة الروحية في مراعاة شعورهم وعواطفهم .. وفي تواضعه الذي يخجل كل إخوانه وتلامذته وعارفيه » (١).
وتواضع الشيخ لم يكن عن تكلف وتصنع ، فهو « مترسل إلى أبعد حد في سيره وجلسته وتواضعه وحسن خلقه وميوعته الاجتماعية ، الميوعة التي حدته على أن يساير نفراً تفوَّق عليه بجميع القوى والفضائل ، ولكنه لوداعته وعدم شعوره بشخصيته ، أو بتعبير أصح نكرانه لذاته نكراناً غريباً حداه على هذه المشايعة ، غير انه في الوقت نفسه احتفظ باتزان نفسي وعزة وإباء جعلته محترماً في نفوس الناس وبالأخص في نفس من اطلع على غرائزه » (٢).
والى جانب التواضع الذي عرف به ، كان ـ رضوان الله تعالى عليه ـ شديد الإباء والانفة حتى انه كانت تهدى اليه الهدايا إعجاباً به وبشاعريته الاّ أنه لم يكن يقبلها مع احتياجه الشديد اليها (٣).
اضافة إلى ما سبق فقد كانت تعلوه رحمه الله هالة من الصفاء والهيبة ، وتتجسد في سيماه البساطة المتناهية الى جانب الوقار والاتزان. وكان اذا حدّث تراه كالنسيم الهادئ يدفع شراع المركب دون أن يغرق السفينة. وهو الى ذلك سريع البديهة ، قوي الحافظة ، وافر العقل والنباهة ، حاد الفطنة والذكاء ، صادق في قوله وعمله.
كما وعرف الشيخ بحسن السيرة وطيب النفس ، والترفع عن الدنايا والزهد
__________________
١ ـ محمد حسين فضل الله من كلمة له في تقديم الجزء الثامن من ملحمة أهل البيت عليهمالسلام ، ص ٣.
٢ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤.
٣ ـ غالب الناهي : دراسات أدبية ، ج ١ ، ص ٧٤.