هكذا كالنور تفنى
كل أحلامك لبنى
فخذي حظك من دنياك قبل الارتحال (١)
وهكذا كانت بدايات الشاعر. أشعار عاطفية وأبيات في الوجد والحب تفصح عن شعور صادق ، أحاسيس جياشة تبثها نفس الشاعر الشاب في فترة هي من أجمل فترات العمر المفعمة بالحركة والنشاط والحيوية.
وبدأ الوعي الفكري ينمو في شعور الشاعر ، وأخذت الأفكار تستحوذ على أدبه ، فبدأ ينظم قصائد رصينة المعنى ، محكمة البناء ، قويمة المحتوى والمضمون وهو في سن التاسعة عشرة من عمره. وتستوقفنا أربع قصائد نظمها الشاعر في هذه السن ، الاولى : قصيدة « التقاليد » التي قال في مطلعها :
تقـاليدٌ تجرّ لك الشجـونا |
|
واوضاع تجرعك المنونا (٢) |
وقد نقد الشاعر في هذه القصيدة التقاليد السقيمة التي كانت تجور على نظم الاصلاح الدينية والاجتماعية وتحول دون تقدم المجتمع ورقيّه.
أمّا القصيدة الثانية فهي قصيدة « وادي السلام » ، وفيها وصف رائع ودقيق لمقبرة النجف الشهيرة. وتعد هذه القصيدة من أروع قصائد الشاعر التي قالها وهو في هذه السن لما تحمل من أوصاف رائعة وأفكار فلسفية تفصح عن نضج فكري مبكر تمتع به الشاعر ولما يزل في نضارة العمر. ومن أبيات هذه القصيدة :
__________________
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٩ ، ٢٠.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٢٨.