فضرب بيده على جبهته وقال كذب العادلون بالله و « ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً » وخسروا « خُسْراناً مُبِيناً » يا أخا كلب إن الله عز وجل يقول « وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً » أفتنسبها أنت فقلت لا جعلت فداك فقال لي أفتنسب نفسك قلت نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى ارتفعت فقال لي قف ليس حيث تذهب ويحك أتدري من فلان بن فلان قلت نعم فلان بن فلان قال إن فلان بن فلان ابن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه فأطعمها شيئا وغشيها فولدت فلانا وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان ثم قال أتعرف هذه الأسامي قلت :
______________________________________________________
يا مُوسى » (١).
والضرب باليد على الجبهة لاعظام دعوى علم الأنساب الذي لا يعلمها إلا الله ومن انتهى علمه إليه من الأنبياء والأوصياء وللأسى على حالهم فكأنهم عدلوا أنفسهم بربهم في هذا الأمر المختص به تعالى ، ولذا قال : كذب العادلون بالله « أفتنسبها » أي أفتعرف نسبها والله سبحانه أجملها ولم يذكر نسبها وأسماءها وأعدادها فكيف أنساب هذه القرون الكثيرة.
« حتى ارتفعت » أي بلغت إلى أجدادي العالية « الراعي الكردي » تفسير لفلان الأخير المضاف إليه وهو اسم آخر غير الذي ذكره الراوي ، ويظهر منه أن القدح في النسب مع العلم به ليس بحرام مطلقا أو إذا دعت إلى ذلك مصلحة من إظهار معجز أو ردع المخاطب عن باطل ، وقد روي مثله في كتب المخالفين عن النبي صلىاللهعليهوآله قال مسلم : وسأله ابن حذافة وكان يطعن في نسبه فقال : من أبي؟ قال : أبوك حذافة ، وقال آخر : من أبي؟ قال : أبوك فلان الراعي ، فنسبه إلى غير أبيه فنزل قوله تعالى : « لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ » (٢).
وقوله : وفلان بن فلان من فلانة ، يحتمل أن يكون توضيحا للكلام الأول أو قدحا آخر في نسبه من جهة أخرى أو قدحا لنسب رجل آخر « وغشيها » أي
__________________
(١) سورة طه : ١٧.
(٢) سورة المائدة : ١٠١.