«كلّ حبّه حنطة جسم حي ، وقد كانت في سنبلة ، والسنبلة تنبت من حبة اخرى ، وهذه من سنبلة ، وهلم جرا بالتسلسل.
ويسهل استقصاء تاريخ ستة آلاف سنة او اكثر ، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصرية الآشورية القديمة ، دلالة على ان المصريين والاشوريين والاقدمين كانوا يزرعونه ويستغلونه ويصنعون خبزهم من دقيقة.
والقمح الموجود الآن لم يخلق من لا شيء ، بل هو متسلسل من ذلك القمح القديم ، فهو جزء حي من جزء حي من جزء حي ، وهلم جرا الى ستة آلاف سنة او سبعة بل الى مئات الالوف من السنين.
وحبوب القمح التي نراها ناشفة لا تتحرك ولا تنمو ، هي في الحقيقة حية مثل كل حي ، ولا ينقصها لظهور دلائل الحياة الا قليل من الماء ، فحياة القمح متصلة منذ الوف من السنين الى الآن.
وهذا الحكم يطلق على كل انواع النبات ذوات البذور وذوات الأثمار.
وما الحيوان بخارج عن هذه القاعدة ، فان كل واحد من الحشرات والاسماك والطيور والوحوش والذبابات ، حتى الانسان سيد المخلوقات كان جزءاً صغيراً من والديه ، فنما كما نميا وصار مثلهما وهما من والديهما وهلم جرا.
والانسان الذي يختلف نسلاً يكون نسله جزءاً حياً منه ، كما ان البذرة جزء من الشجرة ، وهذا الجزء الحي تكون فيه جراثيم صغيرة جداً ، مثل الجراثيم التي كونت اعضاء والديه ، فتكوّن اعضاؤه بالغذاء الذي تتناوله وتمثله.
فتصير نواة التمر نخلة ذات جذع وسعوف وعروق وتمر ، وبذره الزيتون شجرة ذات ساق واغصان وورق وثمر ، وقس على ذلك سائر انواع النبات ، وكذا بيوض الحشرات والاسماك والطيور والوحوش والذبابات حتى الانسان.
وهذا كله من الامور المعروفة التي لا يختلف فيها اثنان ، ولكن الشجرة