الباب مجرى فرعون وهامان وقارون ، ومجرى من قطع الله عزوجل على خلوده في النار ، ودل القطع على أنهم لا يختارون أبدا الايمان ممن قال الله تعالى « ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله » (١) يريد إلا أن يلجئهم الله والذين قال الله تعالى فيهم « إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون » (٢).
ثم قال جل قائلا في تفصيلهم وهو يوجه القول إلى إبليس « لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين » (٣) وقوله تعالى « وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين » (٤) وقوله تعالى « تبت يدا ابي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب » فقطع بالنار عليه وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب ، واذا كان الامر على ما وصفناه ، بطل ما توهمتموه على هذا الجواب.
والجواب الآخر أن الله سبحانه إذا رد الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة ، وجروا في ذلك مجرى فرعون لما أدركه الغرق « قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين » قال الله سبحانه له « الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين » (٥) فرد الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه واقلاعه ، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم لانهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل ، ولان الحكمة تمنع من قبول التوبة أبدا ، ويوجب اختصاص بعض الاوقات بقبولها دون بعض.
وهذا هو الجواب الصحيح ، على مذهب أهل الامامة ، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمد صلىاللهعليهوآله فروي عنهم في قوله تعالى « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون » (٦) فقالوا : إن هذه الآية هو القائم عليهالسلام فاذا ظهر لم يقبل توبة
____________________
(١) الانعام : ١١١. (٢) الانفال : ٢٢ و ٢٣.
(٣) ص : ٨٥. (٤) ص : ٧٨.
(٥) يونس : ٩٠ و ٩١. (٦) الانعام : ١٥٨.