رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما
______________________________________________________
عرض هذه المهمات العظيمة على الأقارب المختصين به ، ولذلك قال تعالى : « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » (١) انتهى.
وقال أبي الصلاح في كتابه في أصول الحديث ، قال الحاكم أبو عبد الله : لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أو لهم إسلاما.
وقال ابن أبي الحديد من عظماء علمائهم في شرح نهج البلاغة ، حيث قال عليهالسلام ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة ، فإن قيل : كيف قال سبقت إلى الإيمان وقد قال من الناس أن أبا بكر أسبق؟ وقد قال قوم أن زيد بن حارثة سبقه؟ والجواب أن أكثر أهل الحديث وأكثر المحققين من أهل السيرة رووا أنه عليهالسلام أول من أسلم ، ثم ذكر من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر أخبارا كثيرة عن جماعة شتى من الصحابة في ذلك ، ثم قال : فهذه الأخبار والروايات كلها ذكرها أبو عمرو يوسف بن عبد البر في الكتاب المذكور ، وهو كما تراها تكاد تكون إجماعا ، وقال أبو عمرو : إنما الاختلاف في كمية سنة يوم أسلم ، فمنهم من روي أنه كان حين أسلم ابن ثمان سنين وقيل : ابن خمس عشرة سنين ، وقيل : ابن ست عشرة وقيل : ابن ثلاث عشرة وقيل : ابن عشر.
ثم قال ابن أبي الحديد : واعلم أن شيوخنا المتكلمين لا يكادون يختلفون في أن أول الناس إسلاما علي بن أبي طالب إلا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصريين ، فأما الذي تقررت المقالة عليه الآن فهو القول بأنه أسبق الناس إلى الإيمان لا تكاد تجد اليوم في تصانيفهم وعند متكلميهم والمحققين منهم خلافا في ذلك ، واعلم أن أمير المؤمنين عليهالسلام ما زال يدعي ذلك لنفسه ويفتخر به ويجعله حجة في أفضليته ويصرح بذلك ، وقد قال غير مرة : إنا الصديق الأكبر ، والفاروق الأول أسلمت قبل إسلام أبي بكر ، وصليت قبل صلاته ، وروي عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢١٤.