فقد صير الله محمولاً ووصفه بصفة المخلوق ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه (١)...
من الغلو ـ القول بالجبر أو التفويض
من العقائد المهمة والشائكة الملتبسة هي مسألة الجبر والتفويض ، والتي ترتبط بالمصطلح العقائدي الآخر ( القضاء والقدر ).
لقد برزت عقائد وفرق تنادي كل واحد منها بما يميزها عن الأخرى في تلك المسألة وأصل الموضوع هو البحث عن مسألة حرية الإرادة التي تعتبر الجذر الأساس لفكرة القضاء والقدر ، والتي شغلت علماء المسلمين منذ القرن الأول الهجري حتى القرن الرابع منه. ولم يشهد العالم الإسلامي تياراً فكرياً جاوفاً وصراعاً عقائدياً حاداً كالتيار الذي أحدثه هذا الموضوع.
ولا ننسى أن جذور هذا البحث إنما ورثه السملمون من الأمم السابقة والحضارات المتقدمة وبالخصوص الحاضرة اليونانية والمعتقادات والدينية السائدة هناك ، والخلافات التي أحدثتها تلك المذاهب بين اليونايين.
مسألة الجبر والتفويض أو القضاء والقدر ترتبط بالتوحيد من جانب ، وبالعدل الإلهي والقدرة الإلهية من جانب آخر.
وقد انقسم المسلمون المتكلمون في هذه المسألة إلى فرقتين متميزتين :
الفرقة الأولى : قالت إن كل أفعال الإنسان كسائر الموجودات الكونية هي افعال الله تعالى. وليس للإنسان أي مشيئة أو إرادة في ذلك الفعل وبعبارة أخرى أنكروا حرية الإنسان في أعماله وتصرفاته. وهذه تسمى بالمجبرة.
الفرقة الثانية : قالت إن أفعال الإنسان هي أفعال حقيقية اختارها بإرادته وحريته من دون أن يكون لله عليه سلطان أو إرداة فيها. وبعبارة أخرى قالوا بأصالة اختيار الإنسان ، وإنمه يتمتع بكامل الحرية في أفعاله وتصرفاته ، وأما دائرة حريته فهي واسعة لا يحدثا شيء ولا يردعها رادع. وهذه تسمى بالمفوضة. وقد ذهب كل فريق إلى استنباط الأدلة والتدليل على صحة
__________________
(١) أصول الكافي ١ | ١٣٢.