معنى هذا القضاء؟ قال : الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة (١).
وقال الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام وقد ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : ألا أعطيكم في هذا أصلاً لا يختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أخذ إلا كسرتموه؟
قلنا إن رأيت ذلك ، فقال : إن الله تعالى لم يطع بإكراه ولم يعص بغلبه ، ولم يهمل العباد في ملكه ، وهو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرتم عليه فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادراً ولا منها مانعاً ، وإن ايتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل ففعلوا فليس هو الذي أدخلهم فيه. ثم قال عليهالسلام من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه (٢).
عن الحسن بن علي الوشاء قال سألت الإمام أبا الحسن الرضا عليهالسلام فقلت : الله فوض الأمر إلى العباد؟ قال : الله أعز من ذلك ، قال : ثم قال : قال الله يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني ، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك (٣).
اهذا يستجب الدعاء بهذا المأثور : ( إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) لأن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. كما يستجب الإكثار من قوله تعالى : ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) والإمعان فيها دائماً.
ومن الأخبار المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام الجماعة لأمهات المطالب المتقدمة والتي تكشف عن معنى القصاء والقدر وتوضح عقيدة أهل الجبر وتفضح مقولة أهل الاختيار والتفويض وتبين الأمر بين الأمرين هو قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام لما رجع من حرب صفين إذ كان جالساً في الكوفة فأتاه شيخ فجثا بين يديه ثم قال له : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم وبطن واد إلا بقضاء من الله
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ١ | ١٢٤.
(٢) المصدر نفسه ١ | ١٤٤.
(٣) أصول الكافي ١ | ١٥٧.