قول الإمام صريح جداً في هذا الحديث الذي يدلل أن هذه الكرامة التي ظهرت على يده المباركة إنما كانت من الله ( ... أحدثني لله شكراً فإن الله قد درثه عنك ... ) فالإمام لم يدعي هذه المنقبة هي بقدرته استقلالاً ولم ينسبها لنفسه بل قال إن الله قد درثه عنك ... فالإمام نسب هذا الفعل إلى الله تعالى لأنه هو الذي أعطاه القدرة على ذلك ، ولكن الفعل فعل الإمام عليهالسلام ، وهو الذي عافاها ، لكن بإذن الله ، ومعلوم أن المرأة يجب أن تشكر الله سبحانه لأن الشفاء كان بإذنه ، وقد مر في رواية أبي بصير عن الإمام الصادق الباقر عليهالسلام حيث قال : فقلت أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤوا الأكمه والأبرص؟ فقال نعم بإذن الله. وهذا الأذن لا في مقابلة وعرضه بل في طوله ، لأن العمل أسند إليهم.
لقد مر في رواية أبي بصير أن الأئمة عليهمالسلام يحيون الموتى ويبرؤون الأكمه والأبرص فهو من عملهم لكن بإذن الله ، وفي رواية صالح بن ميثم الاسدي ذكرت أن كرامات الأئمة عليهمالسلام كانت عمل الله بطلب الأئمة.
أقول قد يتصور القارئ أن بين الروايتين شيء من التعارض ، ولكن ليس كذلك ، بل إن كلتا الصورتين متحققة ، أي بعض الأوقاب يطلب الأئمة من الله فيجيب دعوتهم ، وبعض الأوقات هم يفعلون بإذن الله.
وكيفما كان فما يوافق رواية أبي بصير المتقدمة قوله تعالى على لسان عيسى : ( وابرأ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ) ، وقوله تعالى : ( وتبريء الأكمه والأبرص وتحيي الموتى بإذني ).
حيث أسند الإحياء إلى عيسى إلا أنه لم يكن بمعزل من الإرادة الإلهية ، بل ربما الذي حصل هو بدعاء عيس حيث طلب من الله فأجاب دعوته. وبما أن الأئمة عليهمالسلام أفضل من الأنبياء بني إسرائيل فبطريق أولى ، فإذا ثبت الإحياء والإبراء إلى عيسى بنص القرآن فيثبت للأئمة بطريق الأولوية. فكل ما يجاب عنه بالنسبة إلى عيسى يجاب بالنسبة إلى الأئمة وبالتالي يرتفع الإشكال.
أما التفويض في الدين والسياسة والأحكام ... بالمناظر الضيق أو