الغلو ـ نشوءه وأسبابه
المجتمع الذي انتشر فيه الإسلام خلال القرن الأول الهجري هو المجتمع العربي في الجزيرة العربية وما والها من الأراضي المجاورة كالبصرة والكوفة واليمن والبحرين ثم مصر والشام ، ثم سائر البلدان بعد ذلك ، ولا يخفى أن تلك المجتمعات قبيل مجيء الإسلام كانت تعيش حالة من الاضطراب والغزو والنهب والفتك والفساد ، فالنازعات الشخصية والعصبية القبلية والأطماع المادية والمجون واللهو واللعب والسلب كل ذلك كان هو السائد في بلاد العرب وكانت قريش تتوسط هذه القبائل وهي الوحيدة احتفظت بميزات لم تكن لغيرها لما لها من شرف وسؤدد وسيادة.
ولما أصبح الإسلام قوياً واتسعت رقعته ، وأنذر الرسول بالرحيل إلى الرفيق الأعلى ، جعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الأمير والخليفة من بعده الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فوكل إليه قيادة المسلمين لأنه وصيه وخليفته من بعده يؤدي عنه دينه وينجز له مواعيده (١). إلا أن هذا الجعل من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لوصيّه علي بن أبي طالب عليهالسلام لم تطب له نفوس بعض الصحابة ، إذ لم يرق لهم أن يروا علياً خليفة عليهم فما كانوا يتحملوا النبوة والخلافة في بني هاشم ...
لهذا طمع بالخلافة بعيد وفاة الرسول وقبل تجهيزه كل من المهاجرين
__________________
(١) الأحاديث في ذلك كثيرة جداً بلفت حد الشهرة والتواتر منها ما كان في غدير خم ، ومنها حديث الثقلين ، ومنها حديث المنزلة ...