الله بن سبأ وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني وساعده على ذلك عبد الله بن حرس وابن أسود وهما من أجلة أصحابه ، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وادعى أن علياً عليهالسلام أمره بذلك ، وأن التقية لا تجوز ولا تحل ، فأخذه علي وسأله عن ذلك فأقربه وأمر بقتله ، فصاح الناس إليه من كل ناحية يا أمير المؤمنين أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك قسيرة علي إلى المدائن ، ثم قال : وحكي جماعة من أهل العلم : أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً ، وكان يقول وهوعى يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالة ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في علي بمثل ذلك ، وهو أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أبي طالب ، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم.
فمن ها هنا من خالف الشيعة : إن اصل الرفض مأخوذ من اليهودية ، ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعى علي وهو بالمدائن وقدم عليهم راكب فسأله الناس فقالوا : ما خبر أمير المؤمنين ، قال ضربه أشقاها ضربة قد يعيش الرجل من أعظم منها ويموت من وقتها. ثم اتصل خبر موته فقالوا للذي نعاه كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه ضربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدّقناك ، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل أنه لا يموت حتى أماخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته والطامع في الوصول إليه ، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده. سبحان الله ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ، قالوا إنا لنعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفة وسوطه كما قادهم بحجته وبرهانه وأنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار العتل ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام ...
وقالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر (١).
__________________
(١) المقالات والفرق ٢٠ ـ ٢١.