بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على أفضل خلقه وخاتم رسله محمد ابن عبد الله ، بعثه بالحق هادياً وللعباد منقذاً. الدليل على الصراط ، والسراج الوقّاد ، الذي نور هدايته رحمة ، وأنفاسه بين المخلوق عصمة ، هو السبيل إلى النجاة ، والقائد إلى الرشاد ، فاز المتمسكون بنهجه ، وربح السائرون بهديه ، والسلام عليه وعلى آله الطيبين البررة وأصحابه الكرام الخيرة.
قال سبحانه مخاطباً أهل الكتاب ـ الذين سبقوا ـ ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل ، وأضلوا كثيراً ، وضلوا عن سواء السبيل ).
خطاب وجهه سبحانه وتعالى إلى عباده من اليهود والنصارى حث فيه على أن لا يخرجوا عن إطار العبودية الحقة وأن لا يتبعوا أهواء قوم قد تحكمت فيهم المصالح والماديات ، غير أن أغلب اليهود والنصارى زاغوا عن الحق وابتعدوا عن الهدى ، هم عرتهم الأماني والشهوات حتى استحوذ عليهم الشيطان وجنوده فأصبحوا اسرى الهوى ، فضلوا وأضلوا ، وكانت عاقبتهم سوء المنقلب ، وما جزاء الظالمين إلا خسارا.
الغلو حالة غير طبيعية يمر بها الإنسان ، وإذا اردنا الدقة ، فنقول مرض فكري يغزو معتقدات الناس بوسائل عديدة ، وضمن عوامل كثيرة ، قد يمكن تحديد البعض منها ، والاخرى يتعذر تحديدها للملابسات المتداخلة ، والظروف المعقدة التي يمر بها المجتمع.
ربما يعود الغلو في العقيدة الى ما قبل الإسلام ، فمثلاً بني إسرائيل بعد