فقلت له إني قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرضت إليك بحارا وغموما وهموما وخوفا وأصبحت وأمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي ما أرى أمك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من سهره
______________________________________________________
فإن فرارهم في أكثر الحروب وعجزهم عن أكثر أمور الخلافة وشرائطها يلحقهم بالإناث كما قال عمر : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.
وأما ظهر الآية فقالوا إنكار لقولهم : الملائكة بنات الله ، وهذه أصنام استوطنها جنيات هن بناته ، أو هياكل الملائكة ، ذكره البيضاوي.
ثم اعلم أنه قرأ بعضهم مثل بضمتين ، أي الأصنام وهو بعيد ، وقرأ بعضهم مثل بالكسر ، وقال : المراد أن الظهر والبطن جميعا لآل محمد في جميع الآيات مثل هذه الآية ، ولعله أبعد.
« تعرضت إليك » أي ارتكبت متوجها إليك ، قوله : مؤيسا ألا أكون ، أقول يحتمل وجهين : الأول : أن يكون من قبيل سألتك إلا فعلت كذا ، أي كنت في جميع الأحوال مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي ، الثاني : أن يكون ألا بالفتح مركبا من أن ولا ، وتكون لا زائدة كما في قوله تعالى : « ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ » (١) ويضمن مؤيسا معنى الخوف أي خائفا أن لا أكون ، وربما يقرأ مؤيسا بفتح الميم وكسر الواو من الويس بالفتح كرب الفقر ونحوه ، وأن لا بالفتح مفعول له ، ولا يخفى ما فيه.
قوله : ولا أعلم أن أباك ، لعله زيدت كلمة أن من النساخ ، والظاهر عدمها ، وعلى تقديرها كان تقدير الكلام ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك فعل فعلا غير الاغتسال ، أو كان على حال غير حال الاغتسال وقيل : أباك اسم أن ، وحين منصوب بالظرفية ، مضاف إلى الجملة والظرف خبر أن نظير« يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » وإلا للاستثناء المفرغ ، والواو للحال ، انتهى.
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٢.