ومن بقي فقال له أبو إبراهيم عليهالسلام قد نصحك صاحبك الذي لقيت فقال الراهب ما اسمه جعلت فداك قال هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له وعبده بالإخلاص والإيقان وفر من قومه لما خافهم فوهب له ربه حكما وهداه لسبيل الرشاد وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ويعتمر في رأس كل شهر مرة ويجيء من موضعه من الهند إلى مكة فضلا من الله وعونا وكذلك يجزي الله الشاكرين ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء لم يكن عند الراهب فيها شيء فأخبره بها ثم إن الراهب قال أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الأرض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة على من نزلت
______________________________________________________
« لما خافهم » بفتح اللام وشد الميم أو بكسر اللام وتخفيف الميم وما مصدرية والحكم بالضم الحكمة « وعرف » على بناء التفعيل ، والمخلصين بفتح اللام وكسرها أي جعله بحيث يعرف أئمته ويعرفونه « ويجيء من موضعه » أي بطي الأرض بإعجازه عليهالسلام « فضلا » منصوب بنزع الخافض ، أي بفضل كما قال تعالى : « وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً » (١) وليس مفعولا إلا عند من جوز تغاير فاعله وفاعل الفعل المعلل به وكذا عونا ، وقيل : كل منصوب بالظرفية وذلك إشارة إلى مصدر سأله وضمير فيها للسائل.
والأحرف جمع حرف وهو الكلام المختصر « فتبين في الأرض » أي ظهرت وعمل بمضمونها ولعل البقاء في الهواء كناية عن عدم تبينها في الأرض ، وعدم العمل بمضمونها لأنها متعلقة بأحوال من يأتي في آخر الزمان ، أو أنها نزلت من اللوح إلى بيت المعمور ، أو إلى السماء الدنيا ، أو إلى بعض الصحف لكن لم تنزل بعد إلى الأرض ، وتنزل عليهالسلام ، ويؤيده قوله : وينزل عليه ، وليس هذا نسخا لأنه أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه سيكون في زمن القائم عليهالسلام أمور مستطرفة باعتبار تبدل الزمان
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٤٧.