.................................................................................................
______________________________________________________
« الثالث » إنزال الغموم بأن يفعل الله تعالى أسباب الغم أما الغم الحاصل من العبد نفسه فإنه لا عوض فيه عليه تعالى.
« الرابع » أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان أو إباحته سواء كان الأمر للإيجاب أو للندب فإن العوض في ذلك كله على الله تعالى.
« الخامس » تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش وسباع الطير والهوام وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال فذهب بعضهم إلى أن العوض على الله تعالى مطلقا ويعزى إلى الجبائي ، وقال آخرون أن العوض على فاعل الألم عن أبي علي وقال آخرون : لا عوض هنا على الله تعالى ولا على الحيوان ، وقال القاضي : إن كان الحيوان ملجئا إلى إلى الإيلام كان العوض عليه تعالى وإن لم يكن ملجئا كان العوض على الحيوان ، وإذ أطرحنا صبيا في النار فاحترق فإن الفاعل للألم هو الله تعالى والعوض علينا ويحسن لأن فعل الألم واجب في الحكمة من حيث إجراء العادة والله قد منعنا من طرحه ونهانا عنه فصار الطارح كأنه الموصل إليه الألم ، فلهذا كان العوض علينا دونه تعالى ، وكذلك إذا شهد عند الإمام شاهدا زور بالقتل فإن العوض على الشهود وإن كان الله تعالى قد أوجب القتل والإمام تولاه وليس عليهما عوض لأنهما أوجبا بشهادتهما على الإمام إيصال الألم إليه من جهة الشرع ، فصارا كأنهما فعلاه لأن قبول الشاهدين عادة شرعية يجب إجراؤها على قانونها كالعادات الحسية.
واختلف أهل العدل في وجوب الانتصاف عليه تعالى ، فذهب قوم منهم إلى أن الانتصاف للمظلوم من الظالم واجب على الله تعالى عقلا لأنه هو المدبر لعباده فنظره كنظر الوالد لولده ، وقال آخرون منهم أنه يجب سمعا والمصنف (ره) اختار وجوبه عقلا وسمعا ، وهل يجوز أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي ظلمه ، فمنع منه المصنف قدسسره.