بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه « وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » (١) فعند ذلك قال صلىاللهعليهوآله الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل : « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا
______________________________________________________
الرابع : من لقائك الأذى كما لقي موسى الأذى.
« وجعلناه » أي موسى أو المنزل عليه « يَهْدُونَ » أي الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام « بِأَمْرِنا » إياهم أو بتوفيقنا لهم « لَمَّا صَبَرُوا » أي لصبرهم على الطاعة أو على أذى القوم أو عن الدنيا وملاذها كما قيل « وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » لا يشكون في شيء منها ، ويعرفونها حق المعرفة.
« فشكر الله ذلك له » إشارة إلى الصبر على جميع الأحوال وذلك القول الدال على الرضا بالصبر ، وشكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل ومقابلته بالإحسان والجزاء في الدنيا والآخرة « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ » صدر الآية : « وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ » يعني بني إسرائيل في ظهر الآية فإن القبط كانوا يستضعفونهم فأورثهم الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف ، وأباح لهم بعد إهلاك فرعون وقومه « مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا » أي أرض الشام شرقها وغربها ، أو أرض الشام ومصر ، وقيل : كل الأرض لأن داود وسليمان كانا منهم وملكا الأرض التي باركنا فيها بإخراج الزرع والثمار وضروب المنافع « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ » قال الطبرسي (ره) : معناه صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ، وإنما كان الإنجاز تماما للكلام لتمام النعمة به ، وقيل : إن كلمة الحسنى قوله سبحانه : « وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ » إلى قوله : « يَحْذَرُونَ » وقال : الحسنى ، وإن كانت كلمات الله كلها حسنة لأنها وعد بما يحبون ، وقال الحسن : أراد وعد الله لهم بالجنة « بِما صَبَرُوا » على أذى فرعون وقومه « وَدَمَّرْنا ما
__________________
(١) سورة السجدة : ٢٤.