وهو يقول كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط وإنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.
٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال أمير المؤمنين عليهالسلام إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله
______________________________________________________
« فهو ساقط » أي عن درجة الاعتبار والقبول ، والترديد على سبيل منع الخلو « وإنما أرادوا » أي الأنبياء والأوصياء وخلص أصحابهم « بالزهد » الباء زائدة زيادتها في قوله تعالى : « وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ » (١).
الحديث السادس : حسن كالصحيح.
« إن علامة الراغب » إشارة إلى ما عرفت من أن الدنيا والآخرة ضرتان لا يجتمع حبهما في قلب ، فالراغب في أحدهما زاهد في الآخر لا محالة وإنما أدخل العاجل لأنه السبب لاختيار الناس الدنيا غالبا على ثواب الآخرة آجلا ، أو لدلالته على عدم الثبات ، وقيل : لأن زهرة الدنيا المتعلقة بالآجلة والآخرة كقدر ما يحتاج به الإنسان لتحصيل ما ينفع في الآخرة لا ينافي الرغبة في ثوابها بل معين لحصوله ، والمراد بزهرة الدنيا بهجتها ونضارتها أو متاعها تشبيها له بزهرة النبات لكونها أقل الرياحين ثباتا ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : « وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى » (٢).
قال في القاموس : الزهرة ويحرك النبات ونوره أو الأصفر منه ، ومن الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها ، انتهى.
قوله عليهالسلام : في هذه الدنيا الإشارة للتحقير « وإن زهد » أي بالغ في الزهد ، وكذا قوله : وإن حرص ، أو المراد بقوله : وإن زهد ، وإن سعى في صرفها عن نفسه ،
__________________
(١) سورة الحجّ : ٢٥.
(٢) سورة طه : ١٣١.