هي أيام قلائل ألا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا.
قال وسمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط وإنما خالط القوم حلاوة
______________________________________________________
سيما إذا كان مستلزما للراحة الطويلة الدائمة « ألا إنه » ألا حرف تنبيه وشبه حصول الإيمان الكامل في القلب بحيث يظهر أثره في الجوارح بإدراك طعم شيء لذيذ مع أن اللذات الروحانية أعظم من اللذات الجسمانية.
قوله : إذا تخلى المؤمن من الدنيا ، أي جعل نفسه خالية من حب الدنيا وقطع تعلقه بها أو تفرغ للعبادة مجتنبا من الدنيا ومعرضا عنها ، قال في النهاية :
أن تقول أسلمت وجهي إلى الله وتخليت ، التخلي التفرغ ، يقال : تخلى للعبادة وهو تفعل من الخلو والمراد التبرؤ من الشرك وعقد القلب على الإيمان ، وقال : السمو العلو يقال : سما يسمو سموا فهو سام ، ويقال : فلان يسمو إلى المعالي إذا تطاول إليها ، انتهى.
أي ارتفع من حضيض النقص إلى أوج الكمال ، أو مال وارتفع إلى عالم الملكوت وارتفعت همته عن التدنس بما في عالم الناسوت « كأنه قد خولط » قال في القاموس : خالطه مخالطة وخلاطا : مازجه والخلاط بالكسر أن يخالط الرجل في عقله وقد خولط ، وفي النهاية فيه : ظن الناس أن قد خولطوا وما خولطوا ولكن خالط قلبهم هم عظيم يقال : خولط فلان في عقله إذا اختل عقله ، فقوله : خولط بهذا المعنى وخالط بمعنى الممازجة ، وهذا أعلى درجات المحبين حيث استقر حب الله تعالى في قلوبهم وأخرج حب كل شيء غيره منها فلا يلتفتون إلى غيره تعالى ويتركون معاشرة عامة الخلق لمباينة طوره أطوارهم فهم يعدونه سفيها مخالطا كما نسبوا الأنبياء عليهمالسلام إلى الجنون لذلك.