وعظما في نفسه ونأيا عن عشيرته إن كان موسرا في المال ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه بعدا إذا لم ير منه مروة وكان معوزا في المال ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة أن يسدها بما لا ينفعه إن أمسكه ولا يضره إن استهلكه
______________________________________________________
سبب للصيت الحسن وأن يذكره الناس بالإحسان وكذلك يذكره من أحسن إليه بإحسانه وسائر صفاته الجميلة ، وقال تعالى : « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » (١) وقال حاكيا عن إبراهيم عليهالسلام : « وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ » (٢).
« كبرا » تميز وكذا « عظما » ونأيا أي بعدا إن كان بفتح الهمزة أي من أن أو بكسرها حرف شرط ، وعلى هذا التقييد ليس لأن في غير تلك الحالة حسن ، بل لأن الغالب حصول تلك الأخلاق الذميمة في تلك الحالة.
وقوله عليهالسلام : في أخيه ، متعلق بزهد أو منه متعلق بقوله بعدا وقوله : إذا لم ير ، مؤيد لشرطية إن والتقييد على نحو ما مر ، والمروءة بالهمز وقد يخفف بالتشديد :
الإنسانية وهي الصفات التي يحق للمرء أن يكون عليها ، وبها يمتاز عن البهائم والمراد هنا الإحسان واللطف والعطاء.
والمعوز على بناء اسم الفاعل ويحتمل المفعول : القليل المال ، في القاموس : عوز الرجل كفرح افتقر كأعوز وأعوزه الشيء احتاج إليه ، والدهر أحوجه ، والخصاصة : الفقر ، والخلل وجملة « بها الخصاصة » صفة للقرابة أو حال عنها ، وفي النهج : يرى بها الخصاصة.
« أن يسدها » بدل اشتمال للقرابة أي عن أن يسدها ، وضمير يسدها للخصاصة والعائد محذوف أي عنها أو للقرابة وإسناد السد إليها مجاز أي يسد خلتها ، وسد الخلل إصلاحه وسد الخلة إذهاب الفقر « بما لا ينفعه إن أمسكه » أي بالزائد عن قدر الكفاف فإن إمساكه لا ينفعه بل يبقى لغيره واستهلاكه وإنفاقه لا يضره أو
__________________
(١) سورة مريم : ٥٠.
(٢) سورة الشعراء : ٨٤.