الْحِسابِ » (١) فقال صدقت لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله جل وعز قط فاعتنقا وبكيا.
______________________________________________________
والرابع : أن سوء الحساب هو سوء الجزاء فسمي الجزاء حسابا لأن فيه إعطاء المستحق حقه ، وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال : سوء الحساب أن تحسب عليهم السيئات ولا تحسب لهم الحسنات وهو الاستقصاء وروى حماد عنه عليهالسلام أنه قال لرجل : يا فلان ما لك ولأخيك؟ قال : جعلت فداك لي عليه شيء فاستقصيت منه حقي ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن قول الله : « يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ » أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا والله ولكن خافوا الاستقصاء والمداقة ، انتهى.
وأقول : قال تعالى بعد ذلك بآيات : « وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ » فعلى هذا التفسير تلك الآيات من أشد ما ورد في قطع الرحم.
ثم الظاهر أن هذا كان لتنبيه عبد الله وتذكيره بالآية ليرجع ويتوب وإلا فلم يكن ما فعله عليهالسلام بالنسبة إليه قطعا للرحم ، بل كان عين الشفقة عليه لينزجر عما أراده من الفسق بل الكفر لأنه كان يطلب البيعة منه عليهالسلام لولده الميشوم كما مر ، أو شيء آخر مثل ذلك ، وأي أمر كان إذا تضمن مخالفته ومنازعته عليهالسلام كان على حد الشرك بالله ، وأيضا مثله صلوات الله عليه لا يغفل عن هذه الأمور حتى يتذكر بتلاوة القرآن ، فظهر أن ذكر ذلك على وجه المصلحة ليتذكر عبد الله عقوبة الله ويترك مخالفة إمامه شفقة عليه ، ولعل التورية في قوله : أقلقتني ، القلق لعبد الله لا لنفسه لكن فيه دلالة على حسن رعاية الرحم وإن كان بهذه المثابة وكان فاسقا ضالا فتدبر.
__________________
(١) سورة الرعد : ٢١.