لا تمله خيرا ولا يمله لك كن له ظهرا فإنه لك ظهر إذا غاب فاحفظه في غيبته وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته وإن أصابه خير فاحمد الله وإن ابتلي فاعضده وإن تمحل
______________________________________________________
والبارز للخير ، ويحتمل النفي والنهي ، والأول أوفق بقوله عليهالسلام : فإنه لك ظهر ، ولو كان نهيا كان الأنسب وليكن لك ظهرا ، ويؤيده أن في مجالس الشيخ لا تمله خيرا فإنه لا يملك وكن له عضدا فإنه لك عضد ، وقد يقرأ الثاني من باب الأفعال بأن يكون المستتر راجعا إلى الخير ، والبارز إلى الأخ أي لا يورث الخير إياه ملالا لأجلك.
وقيل : هما من الإملاء بمعنى التأخير أي لا تؤخره خيرا ، ولا يخفى ما فيه والأول أصوب ، قال في القاموس : مللته ومنه بالكسر مللا وملة وملالة وملالا سئمته كاستمللته ، وأملني وأمل علي أبرمني ، والظهر والظهير المعين قال الراغب : الظهر يستعار لمن يتقوى منه « وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ » (١) أي معين.
« إذا غاب » بالسفر أو الأعم « فاحفظه » في ماله وأهله وعرضه « فإنه منك وأنت منه » أي خلقتما من طينة واحدة كما مر أو مبالغة في الموافقة في السيرة والمذهب والمشرب كما قيل في قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : علي مني وأنا من علي ، وفي النهاية فيه : من غشنا فليس منا ، أي ليس على سيرتنا ومذهبنا ، والتمسك بسنتنا كما يقول الرجل : أنا منك وإليك ، يريد المتابعة والمرافقة ، وفي الصحاح عتب عليه أي وجد عليه « حتى تسل سخيمته » (٢) أي تستخرج حقده وغضبه برفق ولطف تدبير ، قال الفيروزآبادي : السل انتزاعك الشيء وإخراجه في رفق كالاستلال ، وقال : السخيمة : الحقد.
وفي بعض النسخ : حتى تسأل سميحته ، أي حتى تطلب منه السماحة والكرم والعفو ، ولم أر مصدره على وزن فعيلة إلا أن يقرأ على بناء التصغير ، فيكون
__________________
(١) سورة سبأ : ٢٢.
(٢) وفي المتن « حتى تسئل سميحته » ويأتي ذكره في كلام الشارح.