.................................................................................................
______________________________________________________
من أن الجذام أصابه حتى تساقطت أعضاؤه؟ قلنا : أما العلل المستقذرة التي تنفر من رآها وتوحشه كالبرص والجذام فلا يجوز شيء منها على الأنبياء عليهمالسلام لما تقدم ذكره في صدر هذا الكتاب ، لأن النفور ليس يواقف على الأمور القبيحة ، بل قد يكون من الحسن والقبيح معا ، وليس ننكر أن تكون أمراض أيوب عليهالسلام وأوجاعه ومحنته في جسمه ثم في أهله وماله بلغت مبلغا عظيما يزيد في الغم والألم ، على ما ينال المجذوم ، وليس ننكر تزايد الألم فيه عليهالسلام وإنما ننكر ما اقتضى التنفير ، انتهى.
وأقول : يدل على ذلك ما رواه الصدوق (ره) في كتاب الخصال بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهالسلام قال : إن أيوب عليهالسلام ابتلي سبع سنين من غير ذنب ، وإن الأنبياء لا يذنبون لأنهم معصومون مطهرون ، ولا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا ، وقال عليهالسلام : إن أيوب مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة ولا قبحت له صورة ، ولا خرجت عنه مدة (١) من دم ولا قيح ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عز وجل لجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه ، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرج وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعظم الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، وإنما ابتلاه الله عز وجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه تعالى متى شاهدوه ، وليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين استحقاق واختصاص ، ولئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا أنه
__________________
(١) المِدّة ـ بكسر الميم وتشديد الدال ـ ما يجتمع في الجرح من القيح والقيح : ما يقال له بالفارسية : « چرك ».