.................................................................................................
______________________________________________________
يسقم من يشاء ويشفي من يشاء متى شاء ، كيف شاء ، بأي سبب شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن شاء وسعادة لمن شاء ، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضائه وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم ، ولا قوة لهم إلا به.
وأقول : هذا الخبر أوفق بأصول متكلمي الإمامية ، فالأخبار الأخر يمكن حملها على التقية موافقة للعامة فيما رووه ، لكن إقامة الدليل على نفي ذلك عنهم مطلقا ولو بعد ثبوت نبوتهم وحجيتهم لا تخلو من إشكال ، لاحتمال أن يكون ذلك ابتلاء للأمة وتشديدا للتكليف عليهم ، مع أن الأخبار الدالة على ثبوتها أكثر وأصح.
وسيأتي رواية الكليني بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : « فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » (١) فقال : يا با محمد تسلطه والله على المؤمن على بدنه ، ولا يسلط على دينه ، وقد سلط على أيوب عليهالسلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم ، قلت : قوله تعالى : « إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ » (٢) قال : الذين هم بالله مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.
وأقول : هذا ينفع في المقام الأول أيضا ، وبالجملة للتوقف فيهما مجال ، والله أعلم بحقيقة الحال.
ثم اعلم أنه أول بعضهم تسليط إبليس على ماله في هذا الخبر بأن أغرى الظلمة على نهبها وغصبها منه ، وعلى أولاده بأن أغرى الفسقة والكفرة على قتلهم ، وعلى أهله بأن أغواهم بأن تنفروا منه وعلى كل شيء منه بأن أنهب أثاث بيته وأغرى
__________________
(١ و ٢) سورة النحل : ١٩٩ ـ ١٠٠.